الرئيسية / مقالات رأي / مسار مغاير في المفاوضات النووية بعد وصول إبراهيم رئيسي

مسار مغاير في المفاوضات النووية بعد وصول إبراهيم رئيسي

بقلم: علي حمادة – النهار العربي

الشرق اليوم- بات واضحاً أن مفاوضات فيينا بشأن عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع إيران لعام 2015، وعودة إيران الى الالتزام بتعهداتها المنصوص عنها في الاتفاق النووي، لن تصل إلى خواتيمها قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية التي ستجري بعد يومين، حيث أن المدة الفاصلة لم تعد كافية للتوصل إلى اتفاق نهائي خلال الجولة السادسة الجارية حالياً بين الوفود المفاوضة. 

وقد بات معلوماً أن الوفود المشاركة في المفاوضات لم تعد تبدي تفاؤلاً كبيراً في هذا المجال، وأن المفاوضات ستستمر إلى ما بعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية في ايران. ولقد كان تصريح كبير مفاوضي ايران في فيينا عباس عراقجي واضحاً حين قال انه لا يتوقع “التوصل لاتفاق مع الدول الكبرى حول الملف النووي هذا الأسبوع”. وأشار الى أن “الوضع معقد بوجود قضايا عالقة مع الولايات المتحدة، وان الامر يحتاج الى الكثير من المناقشات   والمشاورات السياسية والفنية والقانونية”. وربما كان هذا التصريح عبارة عن موقف وداعي من عباس عراقجي الذي يمكن ان يجري تغييره على رأس الوفد المفاوض الإيراني بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة الجديدة التي ستكون بحسب الدستور برئاسة الرئيس، و بالتالي فإن مشاركة عراقجي و أعضاء الوفد الحالي باتت اقل فاعلية، قبل يومين من  انتهاء ولاية الرئيس الحالي حسن روحاني.

من ناحيتهم، يبدي الاميركيون خشية كبيرة جراء إطالة امد التفاوض، فيما تواصل ايران بالتوازي مع المفاوضات في فيينا، رفع منسوب تخصيب اليورانيوم الى حدود ٦٠ في المئة، أي الى نسبة تقترب من نسبة ٩٠ في المئة التي تمكن ايران من انتاج أسلحة نووية. و قد اطلق وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن جرس انذار بشأن مواصلة ايران عملية تخصيب اليورانيوم بنسب عالية النقاء، عندما  قال يوم الاحد الماضي إن “تطور برنامج ايران النووي يدفعنا الى التوصل لاتفاق بسرعة”. فيما أشارت معلومات دبلوماسية غربية في فيينا أن المواضيع العالقة في المفاوضات تحتاج الى أسابيع، والعقبة الأساسية هي غياب الثقة!

ولعل مخاوف بلينكن التي عاد وفصلها في مقابلة مطولة مع محطة “سي بي إس” الأميركية مردها الى انه “مع استمرار الوضع الحالي ستكتسب ايران معرفة في التخصيب، وسيكون من الصعب التراجع عنه، و لهذا فإن عودة ايران الى الاتفاق النووي لعام 2015 امر ملح “. و ردا على سؤال: “كيف ستتمكن الولايات المتحدة من إيقاف ايران التي خطت خطوات كبيرة في  المعرفة النووية خلال هذه الفترة ؟ قال: “سيكون من الصعب بلا شك اجبارهم على التراجع”.

ومن اجل فهم المعضلة الراهنة لا بد من الإشارة الى ان ايران تخرق اليوم الاتفاق النووي بشكل اكبر من ذي قبل، وقد تمكنت من تخصيب 6،5 كيلوغرامات من اليورانيوم بدرجة نقاء 60 في المئة، مما يمكنها من من الاقتراب من درجة نقاء التخصيب بـ90 في المئة اللازمة لصنع أسلحة نووية. كما انها أنتجت 108  كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بدرجة 20 في المئة. كل ذلك في الوقت الذي يسمح في الاتفاق النووي بتخصيب اليورانيوم  بدرجة نقاء تصل الى 3،67 في المئة  فقط للاستخدامات السلمية.

هذه قضية شائكة بالنسبة الى المجتمع الدولي، ولا سيما لاميركا التي تبدو حسب تصريحات وزير الخارجية انتوني بلينكن، وكأنها استسلمت أمام احتمالات اقتراب ايران من عتبة التخصيب لأغراض عسكرية. والحال أن إيران اليوم تتفاوض من موقع  “دولة عتبة نووية”، فيما تواصل العمل المكثف للوصول الى موقع تفاوضي ك”دولة نووية ” كاملة الاوصاف، وذلك بالرغم من كل ما يزعمه النظام حول فتاوى المرشد الأعلى علي خامنئي المحرمة للسلاح النووي.

في خلفية المشهد النووي، الانتخابات الرئاسية التي اقتربت، والتي يرجح ان يفوز بها مرشح التيار المحافظ الاصولي إبراهيم رئيسي، على الرغم من وجود نوع من البلبلة مردها الى عدم قيام المرشحين الأربعة من التيار المحافظ بالانسحاب من السباق لصالح إبراهيم رئيسي مرشح تحالف رجال الدين والعسكر تحت عباءة المرشد علي خامنئي. لكن معظم المراقبين يعتقدون أن ما كتب قد كتب، وان رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي سيكون بنهاية يوم الجمعة الرئيس الإيراني الجديد. ومعه ربما ستأخذ المفاوضات النووية في فيينا مساراً مغايراً للمسار الحالي .

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …