الشرق اليوم- أثار بحث عن الآثار السلبية لسد النهضة على مصر، نشرته مجلة “Environmental Research Letters” العريقة، جدلا كبيرا خلال الأيام الماضية.
البحث أجرته جامعة جنوب كاليفورنيا بالتعاون مع جامعة كورنيل ووكالة الفضاء الأمريكية “ناسا”، تحت إشراف عالم الفضاء المصري عصام حجي.
وذكر البحث أنه في الوقت الذي يوفر فيه سد النهضة، الذي تبلغ سعته 74 مليار متر مكعب، فرص تنموية كبيرة واعدة لإثيوبيا، سيشكل عجزًا مائيًا صعبًا لمصر.
وتتناول الدراسة سيناريوهات ملء السد وتأثيرها على مصر، كما يقيم الحلول المقترحة لسد العجر من استخدام مخزون السد العالي والمياه الجوفية.
وبحسب الدراسة، من المقرر أن تعاني مصر خلال سنوات الملء من عجز مائي يصل إلى 31 مليار متر مكعب سنويا وهو ما يعادل 40% من الموازنة المائية الحالية لمصر.
وفي حالة ملء السد على 3 سنوات، ستتراجع الرقعة الزراعية في مصر بنسبة قد تصل إلى 72%، مما يؤدي إلى خسارة إجمالية للناتج المحلي الإجمالي الزراعي بمقدار 51 مليار دولار.
وأشارت الدراسة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد سينخفض بنسبة 8% تقريبًا، مما سيؤدي إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى 25%.
انتقادات شديدة
وفور نشر حجي الدراسة على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، تعرضت لانتقادت شديدة واتهامها البعض بأنها “مسيسة”، وأثارت جدلا في مصر خلال الأيام الماضية.
وتعرض حجي لانتقادات بسبب نشره السيناريو الأكثر تشاؤما في الدراسة ونشره على حساباته، وتجاهل أغلب أجزاء الدراسة.
وتعليقا على هذه الدراسة، قال خبير الموارد المائية، الدكتور ضياء القوصي، إن هذه الدراسه تقتصر علي سيناريو واحد فقط و هو ملء الخزان خلال ثلاث سنوات، وأشار إلى أن هذا السيناريو لم يعد مطروحا، لذلك فإن الدراسه تعتبر “افتراضية و غير واقعية”.
وأضاف القوصي: ” السيناريوهات المطروحه حاليا في المفاوضات بين الدول الثلاث لا تناقش موضوع الملء على أساس عدد السنوات فحسب، ولكن على أساس سنوات الفيضان المرتفع والمنخفض والجفاف والجفاف الممتد، أما الحديث عن فتره زمنيه محدده للملء فقد تم تجاوزها تماما”.
وتابع: “بالطبع نتائج كارثية و لكن الملء بهذه الطريقه غير مطروح بتاتا”.
وتعتمد مصر على نهر النيل في أكثر من 90 بالمئة من إمداداتها بالمياه العذبة، وتخشى أن يكون له آثر مدمر على اقتصادها، بينما تقول إثيوبيا إن السد الضخم قد يساعدها في التحول إلى مصدر رئيسي للطاقة، وتعتبر السد، الذي تبلغ تكلفته 4.6 مليار دولار، مصدر فخر وطني يهدف إلى انتشال ملايين البشر من الفقر.
ويدور الخلاف بين الأطراف الثلاثة، حول كمية المياه التي ستطلقها إثيوبيا في اتجاه مجرى النهر في حالة حدوث جفاف لعدة سنوات وكيف ستحل الدول أي نزاعات مستقبلية. لكن إثيوبيا ترفض التحكيم الملزم في المرحلة النهائية.
وتستعد أديس أبابا للمرحلة الثانية من ملء السد في يوليو المقبل بـ13.5 مليار متر مكعب من مياه نهر النيل ليصبح حجم المياه المتجمعة أمام السد 18.5 مليار متر مكعب.
“البحث غير واقعي”
كما قال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية في جامعة القاهرة، عباس شراقي: “بنى البحث على افتراضات غير واقعية، وتجاهل تماما وجود السد العالى الذي سيعوض أى نقص لأى سبب سواء جفاف أو نتيجة التخزين فى سد النهضة”.
وأضاف شراقي في منشور على حسابه على فيسبوك: أن “البحث نظرى اعتمد على كتابات سابقة ولم يستخدم أى إمكانات بحثية أميركية، بني على افتراضات خاطئة دون قياسات معملية أو حقلية، منها أن البخر حوالى 4 مليار متر مكعب وأن التسرب قد يصل الى 15 مليار متر مكعب باجمالى 21 مليار متر مكعب دون قياس حقيقى أو اعتمادا على دراسة قامت بقياسهم”.
وتابع: “المعلومات عن مواصفات السد وعدد التوربينات وإنتاج الكهرباء فى هذا البحث قديمة منذ 2013 أكثر، وقد تم تغيرها منذ عامين، فأصبحت مثلاً 13 توربين بدلا من 16”.
وأرجع البعض أن البحث مسيس بسبب موقف حجي من النظام المصري، حيث يعتبر عالم الفضاء من أبرز المعارضين في الخارج، بعد استقالته من منصب المستشار العلمي لرئيس الجمهورية في يونيو 2014، احتجاجا على إعلان القوات المسلحة ابتكارها جهازا يعالج الإيدز وفيروس سي والذي عرف إعلاميا باسم “جهاز الكفتة”. ووصفه حجي بالفضيحة العلمية.
وأكدت الدراسة أن “مصر ستتخطى هذه الأزمة ولكن بثمن باهظ سيجعلها أكثر هشاشة أمام أزمات مائية و بيئية أخرى تلوح في أفق قريب”.
وقال عصام حجي: “المستثمرون المتعطشون للربح السريع والذين يقفون وراء هذا المشروع لإنتاج طاقة لها العديد من البدائل على حسب نهر ليس له بديل، مسؤولون مسؤولية تامة عن الكارثة التي يمكن أن تحل ليس فقط بمصر بل بكل المنطقة علاوة عن تدمير نهر هو مهد الحضارة الإنسانية و إرث للبشرية جمعاء”.
ولم يرد حجي على اتصالات من “الحرة” للتعليق حتى وقت النشر.
المصدر: الحرة