BY: Tom Kibasi
الشرق اليوم – إن العالم اليوم لا يزال يعيش بإرث ميثاق الأطلسي (Atlantic Charter) الذي حدد فيه رئيسا وزراء أميركا وبريطانيا، فرانكلين روزفلت وونستون تشرشل، عام 1941، المبادئ التي من شأنها أن تحكم العالم بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت مبادئ تعبّر عن طموحات سامية إلى جانب أهداف توسعية.
بعد 80 عاما من هذا الاتفاق وقّع زعيما البلدين الحاليين جو بايدن، وبوريس جونسون، خلال قمة الدول الصناعية السبع الكبرى في كورنوال “ميثاقا أطلسيا جديدا” يعكس تراجع مكانة الدولتين على المعترك الدولي.
فقد حُدّدت بالفعل بعض المجالات المعقولة للتعاون الثنائي من الحوسبة الكمية إلى قطاع النقل الجوي، ولكن لم يكن هناك شيء آخر جدير بالاهتمام، لم يكن زعيما البلدين بصدد رسم مستقبل البشرية ولا ملامح بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، بل إنه لم يكن هناك حتى وعد بإبرام صفقة تجارية بين البلدين.
وهذا الاجتماع “الشخصي” الذي هو الأول لقادة الدول الصناعية السبع منذ بدء الوباء جرى على وقع إشكاليات كبرى على جدول الأعمال، مثل سبل احتواء جائحة كورونا وضمان تعافٍ سريع للاقتصاد العالمي وتسريع وتيرة العمل بشأن أزمة التغير المناخي، ولكن حجم الاستجابة لم يكن على قدر مستوى التحديات.
فعلى سبيل المثال، تعهد قادة المجموعة بتوفير مليار جرعة من اللقاحات لدول العالم الأشد فقرا، لكن -وكما أشار إلى ذلك صندوق النقد الدولي- هذه التبرعات هي فقط جرعات طلبتها الدول الغنية السبع وجاءت زائدة عن حاجتها.
وفي واقع الأمر لم يكن الأغنياء السبعة بصدد تقديم تضحيات من أجل العالم، ففي ظل تكلفة الوباء العالمية البالغة نحو 28 تريليون دولار، كان من غير المفهوم تماما أن تخفق هذه الدول في تقديم خطة جادّة لتمويل إنتاج اللقاحات وتوزيعها على مستوى العالم.
إن ما حدث خلال قمة كورنوال يشير إلى أننا بتنا نعيش في الحقيقة في عالم بلا قيادة، حيث إنه رغم تمكن الرئيس بايدن من إعادة بلاده إلى سكة “الاحترام الدبلوماسي” وتجديد التزامها تعهداتها وتحالفاتها الدولية، فإن حرصه كان منصبًّا أكثر على إظهار نفسه رئيسا حاملا للواء التغيير في الداخل في حين إن طموحاته على الصعيد الدولي محدودة وتشي بعودة إلى “نهج السياسة الخارجية التقليدية” التي لا تحظى فيها “بقية العالم” بالأولوية.
فالولايات المتحدة لم تعد تلك القوة التي لا منافس لها كما كانت الحال في المرحلة التي أعقبت سقوط جدار برلين، وشهدت القمة كذلك بعض التصيد للصين من خلال الدفع “بنظرية التسرب” من مختبر ووهان بشأن نشأة “كوفيد-19″، ولكن أميركا أضحت بحاجة أكثر إلى شركاء من المحيط الهادي -وليس إلى الأوروبيين- لمساعدتها على احتواء العملاق الصيني.
ورغم أن هدف الاحتواء يدغدغ مشاعر الساسة البريطانيين الذين يحنّون إلى ماض غابر، فإن الواقع هو أن لا شيء ذا قيمة معتبرة يستطيعون تقديمه في هذا الإطار.
إن الوباء أظهر على مدى 18 شهرا الماضية أن الدول القادرة على العمل على الصعيد العالمي تفتقر إلى الطموح الذي يتجاوز السعي وراء مصلحتها الوطنية المحددة بدقة، في مقابل افتقار أصحاب الطموح إلى الوسائل أو الالتزام الكافي، لذا فإن اجتماع الدول السبع الأخير يعكس واقع عالمنا الحالي حيث المصلحة الذاتية أهم بكثير من أي انفتاح أو تطلعات دولية.
ترجمة: الجزيرة