الشرق اليوم– قالت مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في أفريقيا، ماتشيديسو مويتي، في ندوة مشتركة نظمتها مجموعة من الوكالات الدولية والمنظمات غير الحكومية وجهت نداء، أمس الأحد، إلى قمة الدول الصناعية السبع للإسراع في مساعدة القارة الأفريقية على توفير اللقاحات وتوزيعها، إن 7 بلدان أفريقية فقط قد تتمكن من تلقيح 10 في المائة من سكانها بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل.
وأضافت مويتي، أن مناعة القطيع تبقى بعيدة المنال جداً بالنسبة لجميع بلدان القارة التي تحتاج اليوم، وليس غداً، إلى 225 مليون جرعة لقاح لتطعيم الفئات الضعيفة والأكثر تعرضاً لفيروس كورونا.
وقالت مويتي: “إنها مسألة حياة أو موت (لهذه القارة)، لذا نرجو من الدول القادرة أن تتقاسم اللقاحات مع الدول المحتاجة”. مضيفةً أن “أفريقيا على أبواب موجة وبائية ثالثة بعد أن تجاوز عدد الإصابات المؤكد فيها 5 ملايين، وغالبية الفئات الضعيفة والأكثر تعرضاً ما زالت من غير لقاح”.
ومن جهته، قال مدير مركز مكافحة الأمراض في أفريقيا، جون نيكنغانسونغ، إن المشهد الوبائي الراهن في القارة الأفريقية يثير قلقاً بالغاً، ويبعث على الإحباط، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الإصابات الجديدة المؤكدة بنسبة 13 في المائة خلال الشهر الماضي، ما زالت نسبة التغطية اللقاحية في دول أفريقية كبرى، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا ونيجيريا وأوغندا وجنوب أفريقيا، دون 1 في المائة من مجموع السكان.
وكان المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة قد أفاد بأن الطفرة دلتا (الهندية سابقاً) أصبحت منتشرة في 13 دول أفريقية، وتهدد بانفجار وبائي واسع إذا استمر توزيع اللقاحات على حاله.
ويقول سيلستين تراوري، مدير قسم اللقاحات في صندوق الأمم المتحدة لإغاثة الطفولة (يونيسيف): «ما زالت كميات اللقاحات المتوفرة اليوم غير كافية لتغطية الاحتياجات العالمية، واستئثار الدول الغنية باللقاحات يفاقم الوضع في البلدان الأفريقية التي لا تملك الموارد لشرائها، ناهيك من ضعف منظوماتها الصحية التي لا تتوفر لديها أجهزة التبريد والطاقة الكهربائية وبرتوكولات توزيع اللقاحات والطواقم الفنية المدربة. يضاف إلى ذلك مشكلات انعدام الأمن التي تعاني منها دول أفريقية عدة، خاصة في منطقة (السهل)، حيث أدت أعمال العنف إلى تشريد ما يزيد على 5 ملايين من سكانها».
ويقول الخبير الوبائي المعروف سليم عبد الكريم، مدير مركز مكافحة الأمراض السارية في جنوب أفريقيا، إن اللقاحات المتوفرة الآن لا تكفي لأكثر من 20 في المائة من سكان العالم «بينما لا تتجاوز هذه النسبة 2 في المائة في أفريقيا، وهذا إجحاف كبير، حيث إن بلداناً مثل تنزانيا وإريتريا وبوروندي لم توزع جرعة واحدة على سكانها حتى الآن».
وفي ندائه الأخير إلى قادة مجموعة الدول الصناعية السبع، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس، إن الهدف الذي وضعه برنامج «كوفاكس» لتلقيح 20 في المائة من سكان الدول الفقيرة بحلول نهاية العام الحالي يبقى سراباً بعيداً جداً في الظروف الراهنة، خاصة بعد أن اضطرت الهند لعدم تسليم 190 مليون جرعة كانت موعودة لهذا البرنامج، وتوزيعها على سكانها بعد الموجة الوبائية الأخيرة التي تعرضت لها.
لكن المدير العام لمنظمة الصحة يقول إن تحقيق هذا الهدف ما زال ممكناً، إذا تحركت الدول الغنية بسرعة، ووفت بالوعود الأخيرة التي قطعتها لتوزيع اللقاحات بشكل أكثر عدالة على دول العالم. ويذكر أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد أعلن، في مستهل قمة الدول الصناعية السبع، أن بلاده ستتبرع بنصف مليار جرعة لقاح إلى الدول الفقيرة، بينما أعلن رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، أن المملكة المتحدة ستتبرع بمائة مليون جرعة للوصول إلى هدف المليار جرعة التي وعدت بمنحها الدول الصناعية السبع.
لكن فيما تقول المنظمات الدولية إن مبادرة مجموعة السبع خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح، ترى منظمة العدل الدولية أنها «نقطة في بحر»، لأنه -حسب تقديراتها- إذا استمرت وتيرة التلقيح على حالها، فلن تتمكن الدول الفقيرة من تلقيح سكانها قبل عام 2078. غير أن التفاوت في توزيع اللقاحات موجود أيضاً داخل القارة الأفريقية، حيث يتصدر المغرب البلدان المتقدمة في برامج التلقيح، بعد أن تمكن من توزيع 99 في المائة من اللقاحات التي تسلمها، وبلغ عدد السكان الذين حصلوا على الدورة الكاملة من اللقاحات 7 ملايين نسمة.
وفي غضون ذلك، كان المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة يعلن أن الإصابات الجديدة في منطقة أفريقيا الوسطى قد ارتفعت بنسبة 116 في المائة خلال الشهر الماضي. وتحذر منظمة اليونيسيف من أن التأخير في توزيع اللقاحات على البلدان الأفريقية ستكون له آثار مدمرة، ليس فقط على الصعيد الصحي، بل على قطاعات التعليم والصناعة والزراعة، وقد يقضي على ما أنجزته برامج التنمية في القارة خلال العقود الثلاثة المنصرمة.
وفيما يردد المدير العام لمنظمة الصحة أن التخلي عن أفريقيا ليس مسألة أخلاقية فحسب، بل هو خطر يتهدد العالم بأسره، يقول سليم عبد الكريم: «يخطر لي أحياناً أن ثمة ضميراً، بحيث إذا تعذرت السيطرة على الفيروس في العالم، وتوزعت اللقاحات فقط على الدول الغنية، نجد أنفسنا أمام انتشار الوباء بشكل كثيف واسع في بعض المناطق، وظهور طفرات جديدة مقاومة لجميع اللقاحات المعروفة. لذلك، أعتقد أنه لا بد للدول الغنية من الإسراع في تلقيح أفريقيا، ولو من باب الأنانية والمصلحة الذاتية».
المصدر: الشرق الأوسط