بقلم: راتب شاهين – تشرين السورية
الشرق اليوم- يدرك الرئيس الأمريكي جو بايدن مخاطر أن تبقى بلاده وحيدة، في عالم يبنى على قواعد جديدة، لا تكون فيه بلاده على رأس الهرم الدولي، لذلك لابد من تسعير نار الخلافات بين أقطاب عالمية صاعدة بهدوء، لكن باستقرار على الساحة الدولية، وذلك لعدم تكريس وضع جديد ينسف القواعد القديمة في العلاقات الدولية، التي أرستها نتائج الحرب العالمية الثانية.
واشنطن تسعى لإبقاء الوضع الراهن على ما هو عليه لأطول فترة ممكنة، رغم كل التصريحات المنمقة والدبلوماسية، التي قد تخرج من بعض دبلوماسييها لتغطية تهجم وسقطات بعض مسؤولي الإدارة الأمريكية على الدول وقادتها، لذلك تضع واشنطن نصب عينها هدفين وتسلك مع كل واحد طريقة مختلفة، أولاً: ضد روسيا، عسكرياً، من خلال “ناتو” التي تعقد قمته اليوم وبدفع الحشود العسكرية باتجاه روسيا، وإبقاء حالة العداء على حالها بين الكتلة الأوروبية وروسيا رغم المصالح الكبيرة بينهما وخاصة في مجال الطاقة.
ثانياً: ضد الصين، والأبرز اقتصادياً، من خلال إشراك دول أوروبا ودول جنوب شرق آسيا في محاصرة الصين، اقتصادياً وحتى عسكرياً وهذا كان واضحاً في اللهجة الشديدة لقمة مجموعة السبع ضد الصين من خلال الدعم المبالغ به لتايوان، وأيضاً فتح ملف ما يسمى “حقوق الإنسان” ضد بكين، وهو السلاح الغربي ضد من يخالفهم الرأي وأسلوب الحياة.
المواجهة المباشرة مع الدول العظمى غير واردة في القاموس الأمريكي وهي تخشاها، لذلك وبعد اشتراكها شبه الرمزي في الحرب العالمية الثانية ضد النازية، بعدما اتضحت صورة المنهك أكثر من الحرب، تتبع اليوم نهج حروب الوكالة لردع الأقطاب الأخرى، فقد سحبت أمريكا “ناتو” إلى كل حروبها في كوريا وفيتنام وإلى حروب الخليج الأولى والثانية، والآن تدفع بأتباعها في المنطقة لتصدر مشهد المواجهة مع إيران، وحتى الآن لا يزال “ناتو” رأس حربة لخدمة المصالح الأمريكية.
سياسة الاحتواء لروسيا والصين، ليست حكراً على الإدارة الأمريكية الحالية، بل هي قضية أمريكية غير مرتبطة بزمان وإدارة بعينها، لكن الدبلوماسية تحاول أحياناً الرهان على إيجاد صدع ما في العلاقات الروسية- الصينية، وهذا ما يأمله بايدن من خلال قمته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
القمة مبنية حتى الآن على التوقعات والتأملات، أو هي كما وصفت “وسيلة للحد من الصراع وتهدئة التوتر”.
عالم لا يتغير بسهولة، مبني على قواعد اقتصادية واجتماعية ويتبنى النظرة الغربية هو ما تريده أمريكا، لا عالم تضطر فيه واشنطن إلى مواجهة التغيرات المنطقية فيه في غير صالحها.