افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – توجه الجزائريون، أمس السبت، إلى صناديق الاقتراع؛ لانتخاب مجلس تشريعي جديد، في انتخابات مبكرة، دعا إليها الرئيس عبدالمجيد تبون، بعدما أعلن في فبراير / شباط الماضي، حل المجلس التشريعي السابق.
الانتخابات هذه المرة، ليست كالسابقة؛ فهي تجري على وقع حراك شعبي، وضع حداً عام 2019 لعهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، الذي قضى على رأس السلطة 20 عاماً؛ وهي الانتخابات البرلمانية السابعة التي تجرى منذ 30 عاماً؛ بعد أن احتكر حزب «جبهة التحرير الوطني» السلطة منذ الاستقلال عام 1962؛ وهي تجري أيضاً وسط حراك سياسي غير مسبوق؛ طلباً لانتقال ديمقراطي سلس؛ يحقق المشاركة الشعبية الفعلية، والشعارات التي أطلقها الحراك الشعبي ضد طغيان طبقة سياسية، استمرأت السلطة، ونشرت الفساد، وعلى أمل إعادة بناء المؤسسات السياسية والدستورية للدولة التي تشكل الأرضية الحقيقية لإقامة نظام ديمقراطي جديد.
هناك أكثر من 24 مليون جزائري يحق لهم الإدلاء بأصواتهم، على أمل أن تكون نسبة المقترعين مرتفعة على عكس المرات السابقة؛ من أجل الوصول إلى مجلس تشريعي، يمثل أوسع فئات الشعب، ويحدث التغيير المطلوب. والأمل أن تكون اللوائح التي تزيد على 1500 لائحة، نصفها لمرشحين مستقلين يتنافسون على 407 مقاعد، قادرة على أن تلبي طموحات الجزائريين، خصوصاً لجهة تحقيق المناصفة الفعلية بين النساء والرجال؛ وفق القانون الذي تجري على أساسه الانتخابات، وإبراز دور الشباب في التغيير المنشود.
ما يميز هذه الانتخابات أن المال الانتخابي الفاسد لا دور له، وقد تم رفض نحو 1200 قائمة؛ بسبب «ارتباط» مرشحين عدة بـ«المال الفاسد»؛ إذ إن الشروط الواجب توافرها في المرشح وفق القانون «ألا يكون معروفاً لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة»؛ ما يعني أن الانتخابات هذه المرة سوف تكون نظيفة وغير ملوثة بالمال الانتخابي الفاسد، على عكس الانتخابات النيابية السابقة التي وفرت الفرصة لعدد كبير من رجال الأعمال والسياسيين الفاسدين أو المتورطين في الفساد، والذين تم اعتقالهم وإيداعهم السجون بعد سقوط العهد السابق، وبينهم عدد من رؤساء الوزراء والوزراء والمسؤولين السابقين.
على الرغم من أن بعض قطاعات الحراك الشعبي أعلنت مقاطعتها للانتخابات، وكذلك بعض القوى السياسية، فإن المراقبين يتوقعون أن تتمكن القوائم المستقلة من تسجيل نجاحات تتجاوز المتوقع، في حين لن تتمكن الأحزاب التقليدية من المحافظة على حضورها السابق، كما هو حال «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي تعرض لهزة كبيرة، بعد سجن زعيمه أحمد أو يحيى، كذلك فإن «حزب جبهة التحرير»، الذي هيمن على الحياة السياسية طويلاً، فقد قوته بعد تراجع شعبيته، أما الأحزاب الإسلامية (حركة مجتمع السلم؛ وجبهة العدالة والتنمية؛ وحركة البناء الوطني) فهي أيضاً تواجه انقسامات حادة، قد لا تمكنها من الحصول على المقاعد التي تريدها، فيما برزت مؤخراً أربعة أحزاب جديدة؛ هي: الجيل الجديد، والفجر الجديد، وصوت الشعب، وطلائع الحريات، يمكنها أن تسجل حضوراً في الانتخابات.
الجزائر أمام مرحلة مفصلية جديدة، لعلها تحقق لها الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتعيد لها دورها الإيجابي على الساحتين العربية والمغاربية.