الرئيسية / مقالات رأي / قمم ملغومة بالتحديات

قمم ملغومة بالتحديات

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – ينشغل العالم على مدى الأسبوع الجاري بسلسلة من القمم المهمة، تبدأ اليوم باجتماع مجموعة «السبع»، وسيكون الرئيس الأمريكي جو بايدن، نجم اللقاءات الماراثونية التي تنعقد على مدى الأيام المقبلة، قبل أن يختتمها بقمة، يعتبرها الخبراء استراتيجية، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في جنيف، بعد أشهر من التوتر بين أكبر قوتين نوويتين، رغم محدودية التوقعات بحدوث انفراجة مفاجئة بين البلدين.
من حيث الشكل، تبدو هذه القمم المتوقعة مهمة وفارقة، باعتبارها الأولى من نوعها التي يحضرها قادة دول وجهاً لوجه منذ بدء جائحة كورونا، التي ستلقي بظلالها على الاجتماعات المختلفة. كما أنها تنعقد بحضور رئيس أمريكي جديد أحدثت سياسة سلفه ندوباً غائرة في العلاقات الدولية، لا سيما بين واشنطن وحلفائها الغربيين. أما من حيث المضامين، فستكون الاجتماعات معقدة وملغومة بالتحديات المتعلقة بخطط التعافي الاقتصادي بعد الجائحة، والتوازنات التجارية المختلة، والسياسات الأمنية والدفاعية، والعلاقات مع روسيا والصين والتعاون بين ضفتي الأطلسي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وحماية المناخ والتنوع الحيوي، وصولاً إلى الأزمات الدولية المزمنة، وفي صدارتها قضايا السلام في الشرق الأوسط وأفغانستان والمفاوضات النووية مع إيران والأوضاع في سوريا وأوكرانيا وكوريا الشمالية.
هذه الموضوعات مجتمعة يحتاج كل منها إلى قمة منفصلة، وهو ما يقلل من سقف التوقعات بشأنها، بسبب تشعب القضايا وتضارب المصالح والتوجهات للدول المعنية. ورغم عوامل الإحباط التي لا تحصى، يمكن تعليق بعض الأمل على أن يجد القادة المجتمعون قواعد توافقية تتم على أساسها المعالجة والبحث في الحلول بتآزر الجميع وعبر توحيد صوت المجتمع الدولي. فالعالم المرهق من جراء الجائحة الصحية وتآكل القوى الاقتصادية والخلافات السياسية المزمنة، لم يعد يحتمل اليوم مزيداً من الصراعات ويأمل أن يدخل عهداً جديداً يترجم التعهدات المعلنة في كل المحافل ومنها قمة «السبع» الحالية.
اللقاء المنتظر بين بايدن وبوتين لا يقل أهمية عما يسبقه بالنظر إلى القضايا الخلافية التي سيتطرق إليها، وقد استعد لها الزعيمان جيداً في ضوء ما يتم تسريبه إعلامياً. أما التحذيرات والتهديدات المتبادلة من الطرفين، فمفهومة في سياقها، وهي من قبيل الحماس الذي يسبق المباراة، أما نتيجة القمة فلها منطقها الخاص وظروفها الموضوعية، وإن كان معلوماً مسبقاً عدم حدوث اختراق جوهري أو مفاجأة مدوية بسبب عمق الخلافات بين البلدين وحدة التنافس الاستراتيجي بينهما على النفوذ في العالم وضمن سباق التسلح وصولًا إلى النزاع في القطب الشمالي.
قمم هذا الأسبوع يمكن أن تكون فرصة للعالم كي يستعيد أنفاسه من جائحة كورونا، والصراعات الثنائية والجماعية، والحروب الاقتصادية، والتراشق بالعقوبات، وعمليات التجسس، والتدخل في قضايا حساسة. فالوضع الدولي المأزوم لن يجد علاجه في التعهدات الدبلوماسية التي لا تعبر عن حقيقة النوايا، بل بالحلول العملية واستنباط مقاربات خارقة تكون بحجم التحديات المشتركة.. قبل هذه القمم هناك كثير من الآمال، وبعدها سيكون حديث آخر.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …