بقلم: د. محمد هشام حتاحت – القبس الكويتية
الشرق اليوم- من الملاحظ أن عدد المؤتمرات والندوات المتعلقة بالمالية والصيرفة الإسلامية في منطقة الشرق الأوسط قد زاد إلى حدّ كبير جدا، حيث نرى واحدا منها كل اسبوع تقريبا، وتتسابق الجمعيات المهنية المصرفية وبعض الجامعات أو نواديها الطلابية بالإضافة إلى شركات الاستشارات والتدقيق الشرعي على الترتيب لعقدها لأغراض عدّة، ولكلٍ نيته في ذلك.
ومن يتفحص الصفات المهنية للمشاركين الكرام في هذه التجمعات يجد أن معظمهم من فقهاء الشريعة، أو من طلاب علم في مرحلة الدراسات العليا، أو من العاملين في المصارف الإسلامية بسنوات خبرة قليلة أو في مواقع بسيطة فيها، أو من المهتمين والمتعاطفين مع المالية الإسلامية، بينما نجد ثلة قليلة منهم مهنيين وخبراء في أعمال المصارف، وبعضهم لا يكون متخصصا وضليعا في المجال الذي يتحدث عنه في هذه التجمعات، حيث نراه في مؤتمر خبيرا في التأمين وفي مؤتمر آخر خبيرا في الصكوك.
كما أن المطّلع على أجندات هذه التجمعات يجد أنها في معظمها تغطي محاور شرعية عامّة أو مكررة تنتهي بتوصيات نظرية فضفاضة تنتهي بين أوراق البحث الذي قدّمت فيه وفي ملفات إلكترونية على مكاتب المشاركين.
ويؤخذ على هذه التجمعات أنها اختزلت المالية الإسلامية في قطاع واحد هو قطاع المصارف الإسلامية، ونسيت أن المؤسسات المالية تضم شركات الاستثمار والتأمين والصيرفة، وغاب عنها أن هناك قطاعات اقتصادية مهمّة جدا يجب توجيه الاهتمام نحو الابتكار في الحلول المالية الإسلامية التي تدعمها، مثل: القطاع الطبي والتعليمي والزراعي والصناعي والإنشائي وغيرها من القطاعات الاقتصادية.
ومن وجهة نظري، يجب على هذه التجمعات أن تكون فرصة عملية للقاء القانونيين والمشرعين ونوّاب الشعب المستمرين والوزراء الذين لا يزالون في مناصبهم ومتخصصي الرياضيات والمهنيين المتمرسين في القطاعات الاقتصادية وممثلي الاتحادات المهنية والباحثين الشرعيين لمناقشة اقتراحات خلق هياكل مالية تساعد المصارف وشركات الاستثمار والمستثمرين على تمويل القطاعات الاقتصادية الانتاجية وفق ضوابط فنيّة معتمدة لمساعدتها في زيادة انتاجها وتصريف بضائعها، وأن تكون هذه التجمعات فرصة لمناقشة الترتيبات الفنيّة والقانونية والتشريعية لتطوير التطبيقات المناسبة للحلول التمويلية لهذه القطاعات الاقتصادية، أو ابتكار هندسة مالية مناسبة لأدوات التحوط من المخاطر التي تواجهها المؤسسات المالية او عملاؤها، أو تطوير أسواق محلية او عالمية لتبادل سلع بيوع السلم من المنتجات المحلية، وغيرها من عقود المنتجات التي ترتكز على الأصول الاقتصادية الحقيقية واقتراح قوانين وصياغة تشريعات تناسب هذه الهياكل والأدوات المالية المبتكرة.