الرئيسية / الرئيسية / تقرير: لقاء بايدن – أردوغان يعتبر محطة لتحديد مسار العلاقات المستقبلية بين بلديهما

تقرير: لقاء بايدن – أردوغان يعتبر محطة لتحديد مسار العلاقات المستقبلية بين بلديهما

الشرق اليوم– اقترب موعد لقاء الرئيسين الأميركي، جو بايدن والتركي، رجب طيب إردوغان، والمقررة في الرابع عشر من يونيو الحالي على هامش قمة حلف شمال الأطلسي.

وينظر إلى اللقاء بعين الأهمية كونه الأول من نوعه بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض، ومن كونه أيضا محطة لتحديد مسار العلاقات المستقبلية بين البلدين. علاقاتٌ تعكرها عدة قضايا خلافية توصف بـ”المزمنة”، على رأسها قضية منظومة الصواريخ الروسية “s400”.

وقد يكون من الصعب استشراف المشهد الكامل للعلاقات الأميركية- التركية في المرحلة المقبلة، ويعود ذلك للموقف الحاد الذي أبداه بايدن مؤخرا بعد اعترافه بأن المجازر التي طالت 1.5 مليون أرمني خلال الحرب العالمية الأولى على يد الإمبراطورية العثمانية “إبادة جماعية”.

موقف مشابه لكن بحدة أقل أبدته أنقرة في المقابل، وفي آخر تصريحات له، مطلع يونيو الحالي، أقر إردوغان بأن حواره مع بايدن “لم يكن سهلا” حتى الآن، على عكس دبلوماسيته الهاتفية “الهادئة والسلمية للغاية” مع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب. 

وفي إشارة إلى شروط جورج دبليو بوش وباراك أوباما السابقة أضاف إردوغان أنه “لم يشهد مثل هذا التوتر من قبل” مع البيت الأبيض، ملقيا باللوم على بايدن لاعترافه بـ”إبادة الأرمن الجماعية”.

ويعتقد الصحفي المقيم في الولايات المتحدة، عمر علي، أن “اعتراف بايدن بمعاناة الأرمن خلال الفترة العثمانية وضع مزيدا من الضغط على أردوغان”.

وقال إنه “يجب أن يستثمر هذا الضغط لصالح تحسين العلاقات وليس العكس”.

ويقول المحلل السياسي المقيم في الولايات المتحدة، أمير الطويل، إن “العلاقات بين البلدين مهمة لواشنطن بنفس القدر الذي تهم فيه أنقرة، ليس بسبب تكافؤ حجم المصالح المتبادلة فحسب، وإنما أيضا لاعتبارات تتعلق بتشابك دوري البلدين في الشرق الأوسط، وتغول إيران، وحتى بسبب العقلية الحاكمة في تركيا”.

ويضيف الطويل أن “حب الرئيس التركي للاستعراض والدعاية قد يجعله يضحي بمصالح تركية وأميركية من أجل التأثير على الرأي العام في بلاده، حتى وإن كانت قراراته غير مفيدة على المدى الطويل، أو حتى ضارة، مثل قراراته الاقتصادية مؤخرا”.

تباعد بشأن إس 400

على مدار الأشهر الماضية خرجت انتقادات وصفت بالساخنة من أنقرة وواشنطن، وفي مقابلها كان هناك اتصالات باردة لم تكسر حالة الترقب التي سادت منذ تسلم بايدن كرسي الرئاسة في أميركا. 

وإلى اليوم تبدي واشنطن رفضها شراء أنقرة منظومة الصواريخ الروسية “إس 400”. واتجهت مؤخرا إلى فرض عقوبات عليها بموجب قانون “كاتسا”، كما أقدمت أيضا على إخراجها من برنامج مقاتلات “إف 35”. 

ولم تفض محاولات أنقرة لتبديد مخاوف واشنطن من صفقة المنظومة الروسية إلى أي نتيجة في الفترة الماضية، لتعود اليوم وفي الوقت المستقطع بمحاولات أخرى ضمن خانة “المقترحات والعروض”، بحسب ما ذكرت تقارير لصحفيين مقربين من دوائر صنع القرار في أنقرة. 

ولم يصدر أي تعليق رسمي بالتبني أو النفي حول المقترحات المذكورة والتي تخص بشكل أساسي صفقة “إس 400” الروسية، لتبقى ضمن إطار التسريبات أو بالأصح “المفاوضات من خلف الأبواب المغلقة” كما أطلق عليها كتاب وصحفيون أتراك. 

وأشارت وسائل إعلام تركية مقربة من الحكومة التركية، مطلع الأسبوع الحالي إلى تقديم أنقرة خطة لواشنطن لتخزين منظومة “إس 400” في قاعدة إنجيرليك التي توجد بها قوات أميركية في ولاية أضنة، وهو الأمر الذي لم تؤكده القنوات الرسمية في تركيا وأمريكا حتى الآن.

سبق ذلك تصريحات لوزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو قال فيها إن “إس 400 تحت سيطرتنا بنسبة 100 في المئة”، مضيفا: “أرسلنا العديد من الفنيين للتدريب. لن يكون هناك جيش روسي في تركيا”. 

بينما تحدثت صحيفة “حرييت” المقربة من الحكومة التركية الثلاثاء عن مقترح آخر بشأن “إس 400″، ونقلت عن مصادر مسؤولة قولها إن أمريكا قدمت عرضا إلى تركيا لرفع العقوبات الخاصة بـ”إس 400”.

وأضافت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية تريد التزاما مكتوبا من أنقرة بأنها لن تقوم بتفعيل “إس 400″، لترد الأخيرة بالرفض، بحسب حديث لمسؤول تركي.

“مطار كابول”

لا تقتصر القضايا الخلافية بين أنقرة وواشنطن على صفقة “إس 400” الروسية، بل تنسحب إلى قضايا أخرى، من بينها تلك المتعلقة بقضايا حقوق الإنسان في تركيا.

وإلى جانب القضايا المتعلقة بالدعم الأميركي لمقاتلين أكراد تقول أنقرة إنهم على ارتباط بحزب “العمال الكردستاني”. عدا عن قضية فتح الله غولن المقيم في أميركا والمتهم بالوقوف وراء انقلاب عام 2016. 

في هذا الصدد، يقول المحلل السياسي، أمير الطويل، إن “تركيا تتعامل بمنتهى الحساسية حينما يصل الموضوع لدعم مسلحين كرد قريبين من حدودها”.

لكنه يستدرك قائلا: “مع هذا يجب على أنقرة أن تفهم أن وجود الولايات المتحدة هو أيضا ضمانة لها بأن لا ينزلق كرد سوريا إلى تحالف مع مجموعة إرهابية بنظر الولايات المتحدة هي حزب العمال الكردستاني”.

وبعيدا عن مسار صفقة المنظومة الروسية والمقترحات المتعلقة بها، اتجهت أنقرة في الأيام الماضية لفتح مسار آخر “لم يخطر على البال” بحسب مراقبين. ومن شأنه أن يخفف حدة التوتر مع واشنطن ولو بجزء بسيط. 

وذكرت وكالة “رويترز” نقلا عن مسؤولين أتراك الثلاثاء أن تركيا عرضت القيام بحراسة وتشغيل مطار كابول بعد انسحاب القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي الأخرى من أفغانستان.

في المقابل أضافت نقلا عن مسؤولين أمريكيين إنهم يرحبون بالعرض التركي، لكنهم أشاروا إلى بعض المخاوف الأمريكية بشأن إلى أي مدى يمكن الاعتماد على تركيا، نظرا للخلافات الأخرى بين الجانبين.

وقد توفر خطة تأمين المطار فرصة نادرة لبناء حسن النوايا، في ظل جهود لحل الخلاف حول صفقة “إس 400″، لكن آليتها ماتزال غامضة حتى الآن، وعما إذا ستلقى قبولا من جانب الحكومة الأفغانية أو “حركة طالبان”. 

ويقول المتحدث باسم طالبان، محمد نعيم ردا على سؤال يتعلق بعرض تركيا تشغيل وحراسة مطار كابول: “الشعب الأفغاني لا یقبل بوجود قوات أجنبیة في البلد بأي اسم أو تحت أي عنوان وأي من كان”. 

وأضاف في تصريح مقتضب: “جهادنا منذ عشرین سنة جار لأجل الحریة والاستقلال”. مؤكدا رفضه للعرض التركي بشأن المطار.

من جانبه يقول البروفيسور أحمد أويسال مدير مركز أورسام في أنقرة: “الطرح التركي بشأن مطار كابول سمعته أنا من الأفغانيين ومن ثم المسؤولين الأتراك. بعد الانسحاب الأمريكي سيكون هناك فراغ كبير وأعتقد أن تركيا تقف على الحياة وبذلك يمكنها لعب هذا الدور في المنطقة. 

ويضيف أويسال: “الطلب التركي حصل بعد تشاورات مع الأطراف الأفغانية ومن صالح أفغانستان أن يبقى هذا المطار دوليا. الطرح معقول جدا وقابل للتنفيذ”. 

ما الذي تريده أنقرة؟ 

في السياق المذكور وبالتركيز أكثر على ماهية القضايا الخلافية بين واشنطن وأنقرة يرى الباحث في الشأن التركي، محمود علوش أن البعض منها أصبحت “مزمنة” وجزء من ديناميكية العلاقات بينهما.

ويقول الباحث: “لكن خطورة أزمة إس 400 أنّها أخرجت الخلافات عن سياقها التقليدي، وأثارت بشكل جدي مخاوف على مستقبل الشراكة”.

وهناك حاجة مشتركة إلى إيجاد مخرج للأزمة وإعادة ضبط الخلافات. 

ويوضح علوش أن “أنقرة معنية بحل سريع لأنها أولا لا تُريد التطبيع مع حالة العقوبات، وثانيا لأنها ترغب في بداية غير متوترة مع إدارة بايدن”.

وسبق وأن عرضت تركيا على لسان وزير دفاعها انفتاحها لمناقشة النموذج اليوناني، ثم سعت لطمأنة الأمريكيين بأن الخبراء الروس لن يُشرفوا على تفعيل المنظومة. 

ويرى الباحث التركي أن “واشنطن تعتقد أن بإمكانها انتزاع مزيد من التنازلات قبل التوصل إلى اتفاق على عكس الأتراك الذين لا يُريدون الذهاب بعيدا في التنازلات وإعطاء انطباع لإدارة بايدن بأن سياسة الضغط الأقصى تُؤت ثمارها”.

جميع ما سبق من جانب البلدين يفضي إلى “معركة سياسية” قبل أن تكون مُتعلقة بهواجس أمنية من منظومة صاروخية.

ويتابع الباحث المختص بالشأن التركي: “لا تريد أنقرة التخلي عن هامش الاستقلالية الذي كسبته في السياسة الخارجية عن الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة”. 

وفيما يخص حل القضايا الخلافية يقول الباحث إنه ممكن من الناحية التقنية، لكنه مرهون بالدرجة الأولى بتوفّر إرادة سياسية لدى الطرفين.

ويضيف علوش: “هذا الأمر يتطلب الجلوس على طاولة المفاوضات بأجندة إيجابية تؤدي إلى تشكيل أرضية من الثقة بين أنقرة وإدارة بايدن في هذه المرحلة، ثم الشروع في عملية نقاش واسعة ومعمّقة لجذور الخلافات”.

بدوره يشير مدير مركز أورسام البروفيسور أحمد أويسال إلى “مجالات عدة للتعاون بين تركيا وأمريكا”. ويتابع مستدركا: “لكننا نحتاج من الأخيرة أن تعتبر أنقرة كشريك بدلا من تابع لها”.

ويضيف أويسال: “يجب على أمريكا أن تقدم تنازلا لتركيا مقابل تخليها عن صفقة إس 400. تحتاج أنقرة هذه المنظومة لحماية أمنها القومي، وبايدن وإدوغان بإمكانهما التوصل لشيء في القمة لكن نحتاج تغيير رؤية الجانب الأمريكي أكثر”.

المصدر: الحرة

شاهد أيضاً

الذهب يحقق أفضل أداء سنوي

الشرق اليوم- سجلت أسعار الذهب، الجمعة، أفضل أداء أسبوعي لها في عام، مدفوعة بالطلب المتزايد …