الرئيسية / مقالات رأي / الانتقال الليبي الرابع

الانتقال الليبي الرابع

بقلم: فيصل عابدون – صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – بانتظار انعقاد جلسات «مؤتمر برلين 2» المقرر في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، تبدو حكومة رئيس الوزراء الليبي، عبد الحميد الدبيبة، في وضع مريح بسبب الدعم الإقليمي والدولي غير المحدود الذي تحظى به منذ تسلمها مهام السلطة في عملية انتقال سلسة ومتوافق عليها في فبراير/شباط الماضي.

وتمثل حكومة الدبيبة العملية الانتقالية الرابعة في ليبيا ضمن سلسلة الانتقالات التي شهدها هذا البلد عقب الفوضى التي أفرزها ما يسمى بـ«الربيع العربي». وبينما تباينت التقييمات حول حصاد الفترات السابقة إلا أنها من دون شك قد خلفت وراءها تركة ثقيلة من المشكلات والتحديات والقضايا الشائكة أمام الحكومة الجديدة. ويصف المراقبون الوضع الانتقالي الرابع بأنه يمتلك فرصاً واعدة للنجاح باتجاه تحقيق الاستقرار على الرغم من المخاطر المحيطة والماثلة.

وتتناول مناقشات «مؤتمر برلين 2» خطوات تحقيق استقرار مستدام بالتركيز على تحضيرات الانتخابات العامة المقررة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتوحيد المؤسسة العسكرية والقوات الأمنية تحت سلطة مدنية مركزية، واحتكار الدولة للاستخدام المشروع للقوة، وإجلاء القوات الأجنبية من أراضي ليبيا. ويؤشر النجاح في تخطي هذه الملفات الشائكة، إلى نجاح العملية السياسية الجديدة وصولاً إلى عتبة الانتخابات واختيار حكومة جديدة تحظى بشرعية الانتخاب الشعبي.

ويرتبط إجراء الانتخابات العامة والرئاسية باتفاق الليبيين على القاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات التشريعية والرئاسية. لكن ملتقى الحوار السياسي الليبي لا يزال بعيداً عن الاتفاق على الصيغة التي تقدمت بها اللجنة القانونية للحوار؛ فهناك خلافات حول صلاحيات الرئيس وطريقة انتخابه والصيغة التي يؤدي بها اليمين الدستورية أمام البرلمان.

والخلاف في هذه النقطة المفصلية سيكون على طاولة مناقشات مؤتمر برلين الذي سيناقش خصوصاً تحديد دور الأمم المتحدة والمجتمع الدولي في تجاوز العراقيل التي قد تسعى بعض الأطراف لفرضها من أجل إبطاء العملية السياسية أو عرقلتها.

تمثل الحكومة الانتقالية الليبية الجديدة بارقة أمل طال انتظارها لتحقيق الاستقرار، وفرص نجاحها في هذه المهمة تدعمها عوامل عديدة داخلية وخارجية. فعلى الصعيد الداخلي تبدو البيئة السياسية والاجتماعية أكثر استعداداً للانخراط في عملية مصالحة واسعة تنهي الانقسامات والخصومات ومراحل العداء والاقتتال التي أضعفت الدولة كثيراً، وتسببت في معاناة صعبة لمواطنيها. فتحقيق الاستقرار في هذه الدولة الغنية والهامة مصلحة ليبية في المقام الأول.

وبالإمكان ملاحظة ظهور قدر من النهج الواقعي واتجاه لتحييد الصراعات بين الأطراف الليبية، وهو إفراز طبيعي لحالة الإنهاك التي خلفتها الفترات الانتقالية السابقة وحالة الغموض والمراوحة التي تركت الجميع في موقع الخسارة ولم تفرز رابحاً واحداً.

كما أن تحقيق الاستقرار مصلحة للإقليم والعالم. ذلك أن حالة السيولة الأمنية والسياسية تشجع عمليات الهجرة غير المشروعة وتوفر محاضن لعصابات الاتجار بالبشر. وبإمكان ليبيا المزدهرة أن تشكل عاملاً لتكريس الأمن والاستقرار بين دول الطوق ومناطق الساحل الإفريقي، وكابحاً مهماً لتنامي الجماعات الإرهابية في المنطقة والعالم.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …