الشرق اليوم- وصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية الخطاب الذي ألقاه حسن نصرالله، في 25 مايو بعبارة “خطاب السعال”، فبعد انتهاء الخطاب المتلفز مباشرةً، أصدرت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية تقييماً مفاده أن نصرالله الذي غاب عن الأنظار لأسابيع التقط فيروس كورونا لكنه يرفض إجراء الفحص، وبدا نصرالله نحيفاً وشاحباً ووجد صعوبة في التنفس على مر الخطاب وطغى وضعه الصحي على محتوى كلامه.
عملياً، نقل خطابان شبه متزامنَين الرسالة نفسها إلى إسرائيل: واحد في بيروت والآخر في قطاع غزة، فقد ألقى رئيس حركة “حماس” السنّي يحيى السنوار الخطاب الأول، وأمين عام حزب الله الشيعي الخطاب الثاني، وحذرا من مجازفة إسرائيل باندلاع الحرب إذا حاولت تغيير الوضع القائم في القدس وإذا اتخذت أي خطوات أحادية الجانب في المسجد الأقصى، حتى أن نصرالله اعتبر اشتعال الوضع المحتمل مستقبلاً “حرباً إقليمية”. وفق التقييمات الاستخبارية الإسرائيلية القديمة، نجحت إسرائيل في ردع نصرالله وحزبه المدعوم من إيران منذ الحرب اللبنانية الثانية في 2006، مما يعني أنه التزم بقواعد اللعبة التي فرضتها الظروف في تلك الفترة وبات يكتفي بالرد على التحركات الإسرائيلية العدائية في لبنان، فلم يتغير هذا التقييم حتى الفترة الأخيرة، لكن يجب ألا ننسى أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت تظن أن السنوار، قبل أن يطلق الصواريخ باتجاه القدس في 10 مايو، كان يُركّز على التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار مع إسرائيل وإعادة إعمار غزة اقتصادياً وأنه لن يحاول تصعيد المواجهة العسكرية. يختلف تقييم الاستخبارات العسكرية للتهديد الذي يطرحه السنوار عن تقييم جهاز الأمن العام الإسرائيلي الذي يحذر منذ وقت طويل من جولة قتال جديدة مع غزة، وكان قد أوصى بتنفيذ تحرك عسكري إسرائيلي استباقي، ووفق مصادر جهاز الأمن، يُعتبر السنوار قيادياً دينياً متطرفاً لن يتردد في التصادم مع إسرائيل لتحقيق أهدافه. عندما اقتنعت مديرية الاستخبارات العسكرية بهذا التقييم أخيراً، كان الأوان قد فات لأن السنوار أصدر الأوامر بإطلاق ستة صواريخ باتجاه القدس قبل ساعات قليلة، وفي مطلق الأحوال، تبيّن أن قدرة إسرائيل على تخمين نوايا السنوار محدودة جداً، حتى أن بعض المؤشرات يثبت أنه قد ينسّق الاعتداءات المستقبلية مع نصرالله، ويُفترض أن يصبح هذا النشاط العدائي المتزامن على الجبهتَين معاً مصدر قلق شديد في الأوساط الإسرائيلية العسكرية والسياسية.
يتجول السنوار بكل فخر في أنحاء قطاع غزة منذ خروجه من مخبئه بعد البدء بتنفيذ وقف إطلاق النار مع إسرائيل في 21 مايو وتشاهد الاستخبارات الإسرائيلية ما يحصل بذهول تام.
تظن إسرائيل أن تصرفات السنوار تنجم عن النظرة التي يحملها عن نفسه باعتباره نسخة معاصرة من صلاح الدين بعدما نجح في التفوق على الرئيس الفلسطيني محمود عباس عبر إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل وطرح نفسه كمدافع عن المواقع الإسلامية المقدسة في القدس، ويقول مصدر عسكري إسرائيلي: “هو يتفاخر تحديداً بإقدامه على إطلاق الصواريخ نحو القدس وبقائه على قيد الحياة، وهو ينظر إلى هذا الحدث من حيث أهميته التاريخية وينسى بذلك التطورات التي نعتبرها نحن انتصاراً لنا”.
الترجمة: صحيفة الجريدة