الرئيسية / مقالات رأي / قمة تبريد العلاقات

قمة تبريد العلاقات

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – فيما تنهمك واشنطن وموسكو بإعداد ملفات القمة المقررة للرئيسين جو بايدن، وفلاديمير بوتين، في جنيف يوم 16 يونيو (حزيران) الحالي، فإن مصادر الكرملين والبيت الأبيض لا تعوّل كثيراً على إحداث اختراقات تاريخية في العلاقات بين البلدين، ولا الخروج بقرارات تؤدي إلى الانتقال بالعلاقات بينهما إلى مرحلة يمكن أن تشكل تحولاً يمكن البناء عليه مستقبلاً في تطبيع العلاقات بينهما.

فالقضايا الخلافية كبيرة ومعقدة سياسياً وأمنياً وتتعلق بصلب مصالحهما الإستراتيجية على مستوى العالم، لذلك فإن قمة واحدة لن تكفي لإحداث اختراق مهم في العلاقات بينهما، وجلّ ما يمكن أن يتحقق هو تبريد الأجواء، ومحاولة العمل على إدارة الأزمات بينهما للحؤول دون الانجرار إلى مواجهات ساخنة، خصوصاً أن العلاقات بينهما وصلت إلى مرحلة من التوتر غير مسبوقة، بعد تبادل الاتهامات المباشرة وغير الدبلوماسية بين الرئيسين، على خلفية اتهامات واشنطن لروسيا بالتدخل في الانتخابات الأمريكية عام 2016، وشن هجمات قرصنة إلكترونية على أهداف في الولايات المتحدة، والتدخل في الشأن الأوكراني، إضافة إلى قضية المعارض الروسي نافالني ومسألة حقوق الإنسان، وهي قضايا تنفيها روسيا، وترى أن مسألة نافالني قضية داخلية، وأن مسألة حقوق الإنسان هي أيضاً لا يحق للولايات المتحدة إثارتها؛ ذلك أن ملفها بهذا الخصوص لا يؤهلها لطرحه.

لكل هذه الأسباب، فإن موسكو خفّضت التوقعات الخاصة بنتائج القمة، وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «لن نتحدث عن إعادة العلاقات إلى وضعها السابق»، لكن بيسكوف بدا متفائلاً بإخراج العلاقات الراهنة من «وضعها المؤسف»، فيما كان وزير الخارجية سيرجي لافروف، أكد خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت «لا أوهام لدينا، ولا نحاول إعطاء الانطباع بأنه سيتحقق اختراق، أو ستتخذ قرارات تاريخية تؤدي إلى تغييرات أساسية».

الرئيس الروسي بوتين حدد القضايا التي ستكون مدار بحث مع نظيره الأمريكي من دون أن يعطي أي انطباع بالخروج بنتائج مهمة، إذ اكتفى بالقول إنه سيبحث «سبل تحسين العلاقات بين الدولتين، والمسائل المتعلقة بالاستقرار الإستراتيجي، وتسوية النزاعات الأكثر خطورة، ومكافحة الإرهاب، ومواجهة فيروس كورونا».

هذا يعني أن جدول الأعمال مثقل بالقضايا الخلافية، مثل أزمة أوكرانيا والتدخل في الشؤون الداخلية، وسوريا والشرق الأوسط، والتسلح، وأيضاً بالقضايا التي يمكن الاتفاق عليها، وتحديداً ما يتعلق بمكافحة الإرهاب، ومواجهة وباء كورونا وقضايا البيئة.

لكن وفقاً لمصادر متابعة فإن الرئيسين يمكنهما تجاوز عدد من الخلافات الثنائية والاتفاق على تعزيز عوامل الثقة بينهما، على أمل وضع أسس لعلاقات ثنائية جديدة تتجاوز مرارة المرحلة السابقة، وهذا كله مرهون بمدى تفهم الرئيسين لأهمية توفير بيئة من الاستقرار الإستراتيجي، بعيداً عن الشكوك والمخاوف والارتياب المتبادل.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …