بقلم: صادق ناشر – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – ترتسم صورة سلبية عن لبنان، فبعد سلسلة من المشاورات؛ لتشكيل حكومة تخلف حكومة حسان دياب، دخلت الأطراف السياسية مرحلة جديدة من اللعبة التي تقترب من حافة الخطر؛ تتمثل في رفض بعض الأطراف للأفكار التي يقدمها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، فيما يصر الأخير على تمرير رؤيته للحل، التي تتقاطع مع رؤى العديد من القوى الفاعلة في البلاد.
وهكذا يعود لبنان إلى دائرة الخطر من جديد، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد؛ من جرّاء استمرار تدهور العملة الوطنية؛ وشح المواد الغذائية والأدوية؛ ما يعني انضمام عشرات، إن لم تكن مئات الآلاف من الأسر إلى حافة الفقر، خاصة بعدما اعتبر تقرير للأمم المتحدة أن لبنان يعيش واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
التظاهرات تجددت مرة أخرى، متخذة الأزمة الاقتصادية سبباً في ذلك، غير أن السؤال هو إلى أين يسير لبنان؟ وكيف يمكن أن ينجو من الأزمة التي يعيشها؟ حيث تسجل العملة الوطنية تراجعاً كبيراً، خاصة بعد ارتفاع سعر الدولار إلى ما يقرب من 13 ألف ليرة، ما حرم الكثير من الناس من القدرة على شراء حاجياتهم الأساسية، وبالتالي ترك أزمة عميقة في المجتمع اللبناني، ودفع بالناس إلى تسيير تظاهرات، استهدفت حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة؛ حيث يتهم بأنه من أوصل الأوضاع الاقتصادية إلى هذه الدرجة من السوء، خاصة بعد أن أقرت وزارة الاقتصاد مؤخراً زيادة قدرها 20% على سعر ربطة الخبز، بينما استمرت أزمة انقطاع الكهرباء في البلاد.
وزاد من الأزمة الطاحنة في البلاد ما تعرضت له العاصمة بيروت في شهر أغسطس / آب الماضي؛ إثر الانفجار الذي دمر أجزاء كبيرة من مرفأ المدينة، تناسلت معه العديد من الأحداث؛ دفعت بقوى خارجية إلى التدخل في الشأن اللبناني، والتهديد بصياغة حل يقبل به اللبنانيون، كما حدث مع فرنسا التي زار رئيسها إيمانويل ماكرون بيروت، والتقى مع قادتها السياسيين؛ لكن من دون أي أفق للحل.
لا تبدو العديد من المؤشرات مشجعة للتوصل إلى حل يحمي لبنان من الانزلاق إلى أتون حرب شاملة، ويرى الكثير من المراقبين أن المواطن بدأ يفقد ثقته في النخب السياسية؛ لأن الأخيرة رهنت مواقفها بمصالح أطراف خارجية، الأمر الذي يزيد الوضع تعقيداً، خاصة في ظل استمرار التجاذبات الإقليمية حيال ما يجري في البلاد.
أكثر من ذلك، فإن الخلافات بين الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري التي خرجت إلى العلن، بعد أن كانت محصورة بين الجدران، دليل على لبنان يعيش أزمة لا يُراد لها أن تنتهي، خاصة وأن الخلافات جرت تحت قبة البرلمان، الأمر الذي يشير إلى أن أزمة الثقة بين الأطراف المكونة للمشهد السياسي في البلاد تفعل فعلها.
وإلى حين اتضاح الصورة في قادم الأيام، فإن لبنان سيبقى أسيراً للعبة الصراعات المحلية والإقليمية، وهو ما يضعه في خطر الذهاب إلى حرب أهلية من جديد.