بقلم: علي أبو حبلة – صحيفة الدستور
الشرق اليوم- تُواصل مصر تحرُّكاتها النشطة في الملف الفلسطيني، ولا سيما في إطار المصالحة التي تسعى إلى تحقيقها بين حركتَي “فتح” و”حماس”، بعد الزيارة التي أجراها مدير المخابرات العامة، اللواء عباس كامل، للضفة الغربية وغزة، والتي تُعدُّ أرفع زيارة لمسئول مصري رسمي منذ سنوات.
وفي أعقاب الزيارة، ناقش الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، مع مدير المخابرات، نتائج لقاءاته مع الأطراف كافة، حيث جرى الاتفاق على أهمية استجابة رئيس السلطة، محمود عباس، لاجتماع الأمناء العامين للفصائل في القاهرة، وخصوصاً أن الاجتماع سيكون محوريّاً لجهة حسم عدد كبير من القضايا الخلافية، من بينها مصير الانتخابات. وعلى رغم أن مسألة العودة إلى إجراء الانتخابات ليست مستبعدة بشكل كامل، إلّا أن لدى مصر رغبة في الإسراع بالمصالحة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية يُسمح لها بممارسة صلاحياتها في كلّ من الضفة وغزة، وهو ما يشكِّل شرطاً جوهرياً تسعى إلى تحقيقه خلال الاجتماعات التي سبقتها مطالب متضادّة من الأطراف، ستتمّ مناقشتها بشكل مستفيض وفق مرجعيات أعدَّها كامل على ضوء زياراته ولقاءاته الأخيرة.
كذلك، تسعى مصر إلى استغلال اجتماع الأمناء العامين للدفع قُدُماً بصفقة تبادل الأسرى المتوقَّع إبرامها بين حركة “حماس” وإسرائيل، علماً بأن حماس طلبت من القاهرة أن تبقى وسيطاً في الصفقة حتى النهاية، وأن توقف أيّ محاولة إسرائيلية للتحايل على العملية عبر اعتقالات جديدة.
في المقابل، تعهّدت مصر لإسرائيل بضمان العمل على إدامة الهدوء في قطاع غزة خلال الفترة المقبلة، طالما التزم الجانب الإسرائيلي وقفَ الأعمال الاستفزازية والعدائية، سواء في القدس أو في القطاع، مع تأكيدها أن الأسماء التي طلبتها “حماس” لإبرام الصفقة يمكن تعديلها وفق الردود التي تصل من تل أبيب.
ومن المرتقب أن يصل وفد إسرائيلي إلى القاهرة، الأسبوع المقبل، من أجل بحث الصفقة التي تسعى تل أبيب إلى إبرامها سريعاً، في وقت تحاول فيه ربطها ببعض الاتفاقات الخاصة بمسألة إعادة الإعمار، وهو ما يلقى رفضاً مصرياً ــــ قطرياً، في ظلّ تشديد مصري، أيضاً، على فصل الصفقة عن الهدنة طويلة الأمد التي يجري العمل عليها، وعن مسألة سلاح المقاومة. بالتوازي مع ذلك، بدأ الحديث عن اتفاقات اقتصادية ستجرى صياغتها في الأسابيع المقبلة، تستهدف معالجة عدد من مشاكل غزة، وفي مقدِّمها نقص السلع. وترى مصر أن هذه الصفقات، وإن كانت تمهِّد لوجود سلطة فلسطينية قادرة على التفاوض والانخراط في مفاوضات السلام، إلا أنها تصطدم بواقع الاضطرابات الداخلية في كيان الاحتلال خلال الفترة الحالية. علما أن القاهرة تسير بجهود الوساطة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بخطى متسارعة ، وتمني النفس في إحداث اختراق في الملف الفلسطيني لكن هناك عقبات ما زالت تعترض الوسيط المصري منها انتظار تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة ، ومحاولات تحقيق اختراق في ملف المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية يكون بمقدورها الإشراف على عملية إعادة إعمار غزه والتوصل لهدنة طويلة هذا المجهود للقاهرة، يحتاج لدور أمريكي فاعل هذا ما أفصحت عنه صحيفة “فايننشال تايمز” بالقول إن السلام بمنطقة الشرق الأوسط يحتاج لدور أمريكي فاعل، لكنه يحتاج أيضا إلى محاسبة الاحتلال الإسرائيلي.
وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها أن أزمات الشرق الأوسط عادة ما تجر الإدارات الأمريكية أحبت أم كرهت. وهو ما حدث جوزيف بايدن عندما اندلع العنف في 10 أيار/مايو بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة ما أدى لعاصفة من الاضطرابات التي انتشرت إلى داخل الخط الأخضر والضفة الغربية المحتلة. فقد أعلن بايدن دعمه لإسرائيل قائلا إنه لم “ير أي ردة فعل مبالغا فيها” من الدولة اليهودية، لكن الموقف الأمريكي تغير عندما دمر الطيران الإسرائيلي برجا تعمل من داخله وكالة أنباء أسوشيتدبرس الأمريكية. وفقط عندما أثار التفجير ردود فعل سلبية وتعرض لضغوط من داخل حزبه بسبب موقفه الداعم لإسرائيل، غير بايدن موقفه ودعا إلى وقف إطلاق النار. ولكن الصحيفة ترى أن هناك جهودا أخرى يجب عملها، فقد يكون وقف إطلاق النار قد انتهى ولكنه لن يُنهِ دوامة العنف.
ولن تنتهي إلا عندما لا يعيش الفلسطينيون تحت الاحتلال وتتوقف غزة لأن تكون مثل السجن المفتوح ولا يتعرض الفلسطينيون من حملة الجنسية الإسرائيلية للتمييز. بنجاح القاهرة مرتبط بمواقف فلسطينيه وعربيه واقليميه ودوليه وهذا كل مرتبط بتغير سياسة الولايات المتحدة وتتطلب “من بايدن الذي وصف نفسه بالصهيوني التعامل مع الأزمة. وخيار الولايات المتحدة هو: إما الظهور بمظهر المصفق لإسرائيل في نزاع يغلي أو يكون لاعبا جديا موضوعيا”.