بقلم: حازم الغبرا – العرب اللندنية
الشرق اليوم– يتجه رؤساء مجموعة الدول الكبرى السبع إلى لندن هذا الأسبوع لعقد اجتماعهم السنوي، وهذا الاجتماع سيكون الأول منذ عام 2019 بعد إلغاء اجتماع عام 2020 وتحويله إلى اجتماع افتراضي دولي بسبب تفشي ظاهرة كورونا.
قد تم تأسيس مجموعة الدول السبع الكبرى في أوائل السبعينات بعيد أزمة الطاقة العالمية عام 1973 وهي تشمل اليوم الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، كندا، ألمانيا، فرنسا، إيطاليا واليابان، بالإضافة للاتحاد الأوروبي. وفي عام 1998 تحولت مجموعة السبع إلى مجموعة الثماني بعد انضمام روسيا للمجموعة. واستمرت المجموعة على هذا الشكل حتى طردت روسيا عام 2014 بعد اجتياح قواتها لشبه جزيرة القرم التابعة لدولة أوكرانيا.
وسبق الاجتماع الرئاسي المقرر عقده هذا الأسبوع اجتماع لوزراء خارجية الدول الأعضاء دعي له أيضا وزراء خارجية الهند وأستراليا وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا ورابطة دول جنوب شرق آسيا. وكان في اختيار هذه الدول بالذات رسالة واضحة أن اجتماع هذا العام سيركز على الصين والعمل على كبح جماحها التوسعي في آسيا وأفريقيا.
وبالفعل كان هذا التوجه واضحا منذ الدقائق الأولى للاجتماعات، حيث حملت كلمة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الافتتاحية التي ألقاها بعد اجتماع ثنائي مطول مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن رسائل مبطنة للصين وروسيا أيضا، متهما “الدول الاستبدادية التي اعتادت خرق القوانين بالعمل على مد نفوذها في آسيا وأميركا الجنوبية وأوروبا الشرقية”. وأضاف أن “مواجهة هذا الأمر ستكون عبر مؤازرة الديمقراطية وسلطة القانون وحقوق الإنسان”. كما تضمن البيان الختامي للاجتماعات انتقادات مطولة لخروقات الصين في مجال حقوق الإنسان والأفعال العدوانية المزعزعة للاستقرار التي تقوم بها روسيا.
ويرى الرئيس الأميركي جو بايدن في الاجتماع القادم فرصة لإعادة الولايات المتحدة إلى مقعد القيادة وإصلاح الضرر الذي سببته سياسات وتصريحات الرئيس السابق دونالد ترامب على تحالفاتها الدولية. كما يأمل رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والذي تقود دولته مجموعة الدول الكبرى السبع هذا العام، أن يعيد هذا الاجتماع بريطانيا إلى دورها التقليدي في السياسة الدولية لتسترجع بعضا من نفوذها الذي افتقدته في الأعوام الماضية. وتحاول جميع الأطراف في المجموعة العمل على إعادة الدور التاريخي لمجموعتهم التي تمثل الدول الأقوى اقتصاديا في العالم مع مراعاة التغييرات الجمة التي طرأت على العالم في العقود الماضية.
ومن أبرز النقاط المخطط طرحها هذا العام هو اقتراح توسيع مجموعة الدول الكبرى السبع عبر ضم أستراليا والهند وكوريا الجنوبية وإعادة تسميتها لتصبح مجموعة الديمقراطيات العشر. ومع أن هذا الطرح ليس جديدا، لكن أطرافا عدة تعتبر أن هذه الفكرة التي بدأ رئيس الوزراء البريطاني بالترويج لها بزخم منذ العام الماضي قد حان وقتها خصوصا أن معظم التركيز في المجموعة يتجه اليوم نحو الصين.
وأول من طرح فكرة مجموعة الديمقراطيات العشر كان مركز “أتلانتيك كاونسل” للبحوث ومقره العاصمة الأميركية واشنطن في العام 2013، حيث رأى المركز أن هذه الدول الكبرى تضم 60 في المئة من سكان الأرض الذين يتمتعون بنظام حكم ديمقراطي، كما تجتمع هذه الدول على توجهات متناسبة نحو السياسة الخارجية والقانون الدولي. وفي التحول من مجموعة السبع التي ترتكز العضوية فيها على القوة الاقتصادية إلى مجموعة العشر التي تعتمد على الديمقراطية وسلطة القانون رسالة واضحة أن حقوق الإنسان ستكون أساس القوة في هذا القرن.
كما ستساعد هذه الفكرة أيضا على ضم المجموعة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند في مجموعة أوسع مما سيسهّل التنسيق واتخاذ القرارات. والولايات المتحدة تبدو مؤيدة للفكرة، حيث قام مستشار الأمن القومي لشؤون آسيا في البيت الأبيض كيرت كامبل بنشر مقال في مجلة “فورين بوليسي” في مطلع هذا العام يؤيد فيه التوجه لإقامة مجموعة الديمقراطيات العشر. وستكون لهذا التوجه أبعاد تجارية واسعة النطاق أيضا حسب مقال كامبل الذي رأى في هذه المجموعة “ضرورة ملحة في ما يتعلق بالتبادل التجاري والتكنولوجيا والمعايير”.
ويتفق الأعضاء أن الوقت قد حان لتطوير مجموعة الدول الكبرى السبع، والتي قارب عمرها خمسين عاما، بشكل يناسب أولويات وتحديات وفرص القرن الحادي والعشرين. وبغض النظر عن نجاح توسيع مجموعة السبع أم لا، فلا شك أن هذه الدول الكبرى تواجه اليوم تحديات ليست بالسهلة ومنافسة حادة من دول تختلف عنها كثيرا بالفكر والأسلوب. والحاجة اليوم أصبحت ملحة لرص الصفوف كي تحافظ هذه الدول التي قادت العالم الحر منذ أواخر الحرب العالمية الثانية على مكانتها ومصالحها. وعلى المجتمعين أيضا تقرير أهداف مجموعتهم المستقبلية في ما يلائم المتطلبات الراهنة والالتزام بدعم هذه الأهداف سياسيا وعسكريا بما يكفي لتحقيقها على أرض الواقع.