الرئيسية / مقالات رأي / هدنة.. وماذا بعد؟

هدنة.. وماذا بعد؟

افتتاحية صحيفة “الخليج”

الشرق اليوم – تجهد مصر من منطلق واجباتها القومية، وحرصاً على الشعب الفلسطيني وقضيته، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار بين قطاع غزة وإسرائيل بعد المواجهات الأخيرة التي أدت إلى دمار هائل في القطاع، وسقوط مئات الضحايا والجرحى.
وتدرك مصر أن تثبيت وقف النار مجرد مقدمة لخطوات لاحقة يجب إنجازها في أسرع وقت، لأن الهدنة هي مجرد فسحة للتنفس، وليست الحل.
المشكلة، في الواقع، ليست عند الجانب الفلسطيني، فهو ضحية احتلال توسعي يرفض التخلي عن منهج القوة لتحقيق أمر واقع على الأرض.. ينتهك القوانين والأعراف الإنسانية، ومعها قرارات الشرعية الدولية.
المشكلة الحقيقية عند الجانب الإسرائيلي الذي يرفض الاعتراف بأدنى حقوق الشعب الفلسطيني، ويرى أن وجوده يشكل عبئاً على سياسات التوسع والتهويد التي تستهدف كل الأرض الفلسطينية.
لذلك لم تكن إسرائيل يوماً تريد السلام الحقيقي القائم على العدل وفق قرارات الشرعية الدولية، وحتى عندما كانت تقبل التفاوض مع الجانب الفلسطيني برعاية أمريكية، فإنها كانت ترى في المفاوضات فرصة لمواصلة التوسع والتهويد، وليست فرصة للتوصل إلى تسوية تحقق الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية، وأهمها قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وهذا ما جرى على مدار أكثر من 23 عاماً من المفاوضات العبثية منذ اتفاق أوسلو.
إن مصر التي عايشت الصراع منذ بداياته، وقدمت من أجل فلسطين مئات آلاف من أبنائها، تدرك، أكثر من غيرها، أن الهدنة وحدها لا تكفي، ولا بد من مقاربات جديدة تضع حداً للعنف، وأن الجولة الأخيرة من المواجهات قد تتجدد في أية لحظة، ما دام سبب الصراع قائماً.
إن تثبيت الهدنة أمر ضروري، وكذلك إعادة إعمار القطاع، وأيضاً إيجاد حل سريع لمشكلة الأسرى الإسرائيليين لدى الفصائل في غزة، ومئات الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وكلها قضايا تساهم في بناء جسور الثقة، إلا أن الأهم هو أن تتراجع إسرائيل عن سياسات فرض الأمر الواقع بالقوة، وتقبل بالحلول السلمية التي تعطي الفلسطينيين بعض حقوقهم.
لذا، فإن الجهود المصرية المتواصلة من خلال الزيارات المكوكية لوفودها السياسية والأمنية إلى رام الله، وغزة، والأرض المحتلة، تحاول تمهيد الأرضية المناسبة لبدء مفاوضات جدية هذه المرة، بين الفلسطينيين وإسرائيل، ووفق آلية جديدة تأخذ في الاعتبار نتائج وتداعيات المواجهة الأخيرة على كل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، إضافة إلى التحول الملموس في مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة من القضية الفلسطينية بأن تمارس فعلاً دور «الوسيط النزيه» الذي يلزم إسرائيل تنفيذ متطلبات السلام.. ولدى إدارة الرئيس بايدن القدرة على ذلك، إذا أرادت.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …