بقلم: محمد الصياد – صحيفة الخليج
الشرق اليوم- قبل قمة بايدن للمناخ التي عُقدت على مدى يومين (22-23 أبريل 2021)، بحوالي خمسة أيام، كان أكثر من 300 شركة ومستثمر، قد وقعوا على وثيقة طالبوا فيها الرئيس الأمريكي جو بايدن بالالتزام بخفض الانبعاثات بنسبة 50% دون مستويات 2005، وذلك بحلول عام 2030. وشملت الجهات الموقعة، شركة أبل، وشركة كوكا كولا، وشركة Etsy، وشركة يونيليفر، وشركة مايكروسوفت. وحثت الشركات الموقعة على الالتزام بثلاثة أمور هي: قيام الشركات الموقعة بالإبلاغ، بانتظام، عن انبعاثاتها؛ والتعهد بتنفيذ استراتيجيات إزالة الكربون تطبيقاً لاتفاق باريس للمناخ؛ وموازنة الكربون، من خلال التعهد باتخاذ إجراءات لتحييد أي انبعاثات متبقية، من خلال تعويضات الكربون القابلة للقياس والمفيدة اجتماعياً. وقد عرضنا لأهم ما تعهد به الرئيس الأمريكي المستضيف للقمة. وهي تعهدات متوقعة وتقليدية لم تخرج عن إطار الحد الأدنى المطلوب من الدول الأعضاء لما تسمى الطموحات المعززة التي ينص عليها “كتاب القواعد” الذي تم اعتماده، كبروتوكول تنفيذي لاتفاق باريس للمناخ. ولكن المهم في القمة مشاركة الدولتين الخصمتين للولايات المتحدة، وهما روسيا والصين، ناهيك عما تضمنه خطاب النوايا الذي ألقاه رئيساهما فلاديمير بوتين وشي جي بنغ. فدعونا نتفحص ما ورد فيهما.
الرئيس الصيني، وبعد أن استعرض الثمن الباهظ الذي دفعته البشرية لقاء خلق ثروات مادية هائلة، من استنزاف مهول للموارد الطبيعية، وما أدى اليه من تعطيل لتوازن النظام البيئي للأرض، اقترح خمسة مبادئ مرجعية أساسية للعمل التنموي التي من شأن العمل بها تصحيح العلاقة المختلة بين الانسان والطبيعة وبضمنها المناخ. المبادئ هي، كما وردت على لسانه: “يجب أن نلتزم بتحقيق الانسجام بين الانسان والطبيعة؛ ويجب أن نلتزم بالتنمية الخضراء؛ وأن نلتزم بالحوكمة النظامية لحماية النظام البيئي؛ وأن نلتزم بنهج يكون الناس محوره؛ وأن نلتزم بالتعددية؛ وأن نلتزم بمبدأ المسؤولية المشتركة ولكن المتباينة (وهذا بالمناسبة، أهم مبدأ مثبّت في البند 1 من المادة الثالثة، والبند 1 من المادة الرابعة في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ NFCCC. وهو يعني أن تتحمل الدول المتقدمة مسؤوليتها التاريخية عن تركيز الانبعاثات بسبب أسبقيتها في التصنيع وإطلاق الانبعاثات مقارنة بالدول النامية)”.
أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد استعرض في كلمته ما حققته بلاده في مجال خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مقارنة بمستوياتها في عام 1990، بصورة أكبر مما فعله العديد من البلدان كما قال. إذ خفضتها الى حوالي النصف، من 3.1 مليار الى 1.6 مليار طن مكافئ من ثاني أكسيد الكربون، وذلك نتيجة لإعادة الهيكلة الأساسية للصناعة والطاقة الروسية على مدى السنوات العشرين الماضية. طبعاً هو يتحدث عن استخدام الطاقة النووية كمصدر لتوليد الكهرباء، والتي تشكل حوالي 45% من إجمالي الطاقة المنتَجة. لكنه قدم مقترحاً أثار اهتمام القمة ورئيسها بايدن، وهو يتعلق بغاز الميثان (أحد غازات الاحتباس الحراري الستة المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري)، والذي يمثل – بحسب الرئيس بوتين 20% من الانبعاثات البشرية، وإن تأثير كل طن من الميثان على الاحتباس الحراري يزيد بمقدار 25-28 مرة عن تأثير طن مماثل من ثاني أكسيد الكربون. وإذ استند إلى رأي الخبراء، فقد أكد أنه إذا تمكنا من خفض انبعاثات الميثان إلى النصف خلال الثلاثين عاماً القادمة، فإن درجات الحرارة العالمية ستنخفض بمقدار 0.18 درجة بحلول عام 2050. ويبلغ الفرق بين هذا الرقم والهدف المحدد في اتفاقية باريس حوالي 45%. أيضاً، وفي ما خص ثاني أكسيد الكربون، فقد أكد بوتين على أن بلاده تقدم، حسب قوله، مساهمة عالمية هائلة في امتصاص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، سواء انبعاثاتها هي أو انبعاثات الآخرين، نظراً لقدرة أنظمتها البيئية وغطائها النباتي الكثيف على امتصاص الانبعاثات، والتي تقدر بنحو 2.5 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون المكافئ سنوياً. وعرض استعداد بلاده لطرح عدد من المشاريع المشتركة ومناقشة الحوافز المحتملة للشركات الأجنبية التي ترغب في الاستثمار في التكنولوجيا النظيفة، سواءً في روسيا أو خارجها. وختم بموقف مماثل للموقف الصيني من إعادة بناء مفهوم التنمية العالمية الشاملة، بقوله: لا ينبغي أن تكون التنمية العالمية خضراء فحسب، بل يجب أيضا أن تكون مستدامة بالمعنى التام للكلمة.