بقلم: ليلى بن هدنة – البيان
الشرق اليوم- من الأهمية أن تتوصل غالبية الجهات الفاعلة العراقية والدولية إلى إجماع على ضرورة إنهاء تغوّل الميليشيات في العراق، لأنها لا تخضع لمفهوم الدولة، كما أنها تسعى إلى إجبار المجتمع على أجنداتها وأيديولوجياتها فقط. ويبدو أن العراق دخل فعلياً مرحلة العزم والحزم والحسم في مواجهة شرور الميليشيات التي تُسيطر على جزء من القرار السياسي، بعد مرحلة تريث في الصّدام المباشر معها، فقد اقتنعت السلطات أن وجود الميليشيات يشكل تهديداً للسلم الداخلي وتفتيتاً للمجتمع، وأن الصمت على خروقاتها ساهم في تصاعد الكراهية والتصفيات والإرهاب، وأن إنهاء هذه الزمرة أصبح هو الحل الضروري لكي يذهب العراق إلى بر الأمان.
الميليشيات التي ترفض الانصياع العسكري الجامع لأوامر الجيش لا فرق بين منطقها ومنطق الانقلاب. لا سيما وأن تجاوزاتها على الدستور بلغت حد تهديد العملية السياسية من أساسها حيث تحاول توسيع رقعة نشاطها كضامن لبقائها في السلطة، وكمصدر ترهيب لأي تحرّك ضدها، ومن الضروري تفكيكها وحرق الورقة التي تريد إيران من خلالها إضعاف جيش العراق، وهي ورقة « الطائفية».وللأسف هناك أطراف سياسية ما زالت تلعب على وتر الأخطاء التي رافقت العملية السياسية، وتمجد الميليشيات، لا سيما الحشد الشعبي، وتحترمها أكثر من الدولة، وهذا هو المسبب للتشوهات في الحياة السياسية. وهو الذي ساهم في تفاقم الإرهاب والفساد.
وغني عن القول، إن تآكل الدولة العراقية في السابق هو الذي كان يسوغ لنمو الميليشيات.
فتشكيل الحشد الشعبي كان لضرورة معينة، ومهمته انتهت بنهاية الحرب على تنظيم داعش، وكان من الطبيعي تفكيكه وحلّه، لكن تقييد حركة الميليشيات وضبط سلاحها لم يكن متاحاً أنذاك نظراً لتغلغل قادتها في أجهزة الدولة،غير أن الوضع الآن مغاير فتوحد الجيش ضد هذه الجماعات، والتعامل معها بحزم واتخاذ خطوات موحدة للجم من يعرّض البلاد للفوضى من شأنه معالجة الإشكاليات العميقة للإرهاب.