افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – عندما أنهى الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، يوم 26 مارس / آذار 2016 قطيعة مع كوبا استمرت منذ ثورتها عام 1959؛ أعلن لدى وصول طائرته إلى مطار هافانا أنه «متشوق لرؤية الشعب الكوبي، وسماع صوته».
كانت هذه الزيارة هي الأولى لرئيس أمريكي للجزيرة منذ 88 عاماً؛ إيذاناً بفتح صفحة جديدة بين البلدين؛ حيث تم تبادل افتتاح السفارات في واشنطن وهافانا، كما تم رفع القيود على سفر الأمريكيين إلى كوبا، وتخفيف القيود المالية، وتكثيف الاتصالات بين البلدين وصولاً إلى رفع الحظر التجاري.
كانت زيارة أوباما إلى كوبا «تاريخية» بكل معنى الكلمة؛ لأنها فتحت الطريق أمام تطبيع العلاقات، وإنهاء عقود من العداء بين البلدين الجارين؛ لكن الأمر لم يطل كثيراً؛ إذ عمد الرئيس السابق دونالد ترامب إلى استئناف سياسة العداء المطلق ضد كوبا، فارضاً أكثر من 240 إجراء عقابياً تم تطبيق 55 منها خلال جائحة «كورونا»، واتخذ سلسلة من العقوبات الاقتصادية ضدها، كما أعاد تصنيفها ك«دولة راعية للإرهاب»؛ ما أعاد العلاقات إلى نقطة الصفر.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، كان وعد خلال حملته الانتخابية الرئاسية، بإعادة النظر في سياسات إدارة ترامب تجاه كوبا؛ لكن شيئاً لم يتحقق؛ بل يبدو أن الإدارة الأمريكية الجديدة عازمة على اتباع سياسات الإدارة السابقة تجاه هافانا؛ إذ تقدم وزير الخارجية أنتوني بلينكن بمذكرة إلى الكونجرس يوم 14 مايو / أيار الحالي، ذكر فيها كوبا من بين الدول «التي لم تتعاون بشكل كامل مع الولايات المتحدة في جهودها لمكافحة الإرهاب»، وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، أن ذلك يأتي ضمن المراجعة السنوية الخاصة بالتعاون في مجال محاربة الإرهاب؛ لكنه لم يوضح كيف أن كوبا لم تتعاون، وما الأسباب لوضعها على لائحة الدول غير المتعاونة؛ ما يشير إلى أن الإدارة الجديدة لن تقوم بتغيير سياسة ترامب تجاه الجزيرة، ولن تعود إلى اتباع سياسة الانفتاح التي قام بها أوباما، ولن ترفع الحصار المفروض عليها.
هذا الموقف الأمريكي؛ أثار حفيظة كوبا التي أعلن وزير خارجيتها برونو رودريغيز على «تويتر»، قبل يومين، أن «هذا الافتراء مثير للاستغراب والاستياء، مثلما هو تطبيق لسياسات ترامب وعقوباته». كذلك دعت منظمة «أوكسفام» غير الحكومية، الرئيس بايدن إلى «اتخاذ إجراءات في أسرع وقت ممكن؛ لتطبيع العلاقات مع كوبا، ورفع الحظر عنها». وأشارت مديرة المنظمة إلينا جينتيلي في تقرير بعنوان «الحق في الحياة من دون حصار» إلى أن تغيير السياسة الأمريكية «بات أكثر إلحاحاً»؛ حيث أدت جائحة «كورونا» إلى إضعاف الاقتصاد الكوبي، وانهارت عائدات السياحة، و«سجل إجمالي الناتج المحلي في 2020 تراجعاً بنسبة 11 في المئة»؛ وهو الأسوأ منذ عام 1993.
كما شارك آلاف الكوبيين في الداخل والخارج في تظاهرات بالدراجات والسيارات والخيول في حملة تم تنظيمها؛ للمطالبة بفك الحصار الأمريكي. وقال الرئيس الكوبي ميجيل دياز كانيل: «لقد تحول الاحتجاج ضد الحصار في خضم الوباء العالمي إلى موجة لا يمكن وقفها».