الشرق اليوم– على الرغم من تهديد الميليشيات المدعومة من إيران التي يعتقد أنها قتلت عشرات النشطاء، تتواصل فعاليات الحركات الاحتجاجية التي تطالب بـ”عراق جديد”، حيث تظاهر الآلاف، الثلاثاء في ساحة التحرير، وذلك بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز“.
ويقول التقرير إنّ “حوالى 80 ناشطا عراقيا قُتلوا منذ أواخر عام 2019″، مشددا على أن المتظاهرين والمسؤولين العراقيين “يعرفون من قتل العديد من النشطاء وهي الميليشيات المدعومة من إيران”، التي تعد بعضها “جزءا من الأجهزة الأمنية الرسمية في الدولة”.
وشكل آلاف الشباب الذين تجمعوا في ساحة التحرير وسط بغداد أكبر احتجاج في العاصمة العراقية منذ ذكرى أكتوبر الماضي لتظاهرات 2019 التي اجتاحت بغداد والمدن الجنوبية وأسقطت حكومة.
وتميزت احتجاجات الثلاثاء بالغضب من فشل الحكومة في إجراء الإصلاحات الموعودة، بما في ذلك ضبط الميليشيات المدعومة من إيران، بحسب نيويورك تايمز.
وفي ظل الاغتيالات والخطف وترهيب من ينتقدون الحكومة العراقية والتدخل الإيراني، كانت نسبة المشاركة في تظاهرة 25 مايو أقل بكثير مما كان يأمل المنظمون، كما قتل متظاهران برصاص القوات الأمنية في بغداد إثر تفريقها للتظاهرة.
وبدأت التظاهرة سلمية، حيث انضمت حافلات مليئة بالشباب الذين قدموا من الجنوب إلى المتظاهرين وسط بغداد، إلا أنه مع غروب الشمس، اندفع مئات من شرطة مكافحة الشغب إلى الأمام لإبعاد المتظاهرين عن الجسر المؤدي إلى المنطقة الخضراء، حيث تتجمع المباني الحكومية والسفارات الأجنبية.
ورد عدد قليل من المتظاهرين برشق الحجارة بينما قالت قوات الأمن إن مجموعة من الشبان أشعلت النار في سيارات الأمن.
ويقول محمد فاضل، وهو ناشط وطبيب من محافظة ديالى (شرقي بغداد): “توقعنا قدوم المزيد من المتظاهرين، لكن بعض الناس خائفون على وظائفهم وأنفسهم”.
وأفاد متظاهر آخر ويدعى هاني محمد، بأنه تعرض للتهديد من قبل مجموعة من المسلحين قبل ثلاثة أيام من موعد التظاهرة.
وأضاف محمد: “لقد جاؤوا إلى منزلي ولكنني استطعت الفرار”، مشيرا إلى إحدى أكبر الميليشيات المدعومة من إيران، والتي لم يرغب في الكشف عن اسمها علنا خوفا من الانتقام، بحسب التقرير.
وبعد عام من توليه السلطة، يقول تقرير نيويورك تايمز إن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي “فشل في تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها ردا على احتجاجات 2019، بما في ذلك كبح جماح الميليشيات المدعومة من إيران، والتي يُلقى عليها باللوم في الهجمات على السفارة الأميركية”.
واستعرضت الصحيفة أسماء النشطاء الذين قُتلوا، ومن بينهم قادة الاحتجاج في مدينة كربلاء، وطبيبة في البصرة، والمحلل الأمني هشام الهاشمي، علما أن اغتيال عدد كبير منهم تم بالرصاص وفي الشوارع على مرأى من الكاميرات الأمنية أو الشرطة.
وتقول رندة سليم، الزميلة في معهد الشرق الأوسط، إن الهدف الرئيس لعمليات القتل هو تخويف وترهيب بقية الناشطين، لاسيما أنه تتم تصفية القادة الرئيسيين الذين لديهم القدرة على حشد الجماهير.
وأضافت “كان هناك احتمال ضئيل في أن يقوم القادة السياسيون بإصلاح النظام وكبح النفوذ الإيراني في البلاد، والذي استطاع إضعاف الحركة الاحتجاجية التي تحتاج لقيادة، وخطة سياسية مدعومة بتمويل كاف”.
بينما اتهم عضو المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان، علي البياتي، المؤسسة الأمنية بـ”عدم الجدية”، معتبرا أن “جهودها ضعيفة بدءا من التحقيقات داخل المراكز الأمنية وصولا إلى المقاضاة داخل المحاكم”.
انتخابات “غير مجدية”
وقبل احتجاج الثلاثاء، أصدرت إحدى الميليشيات الرئيسية المدعومة من إيران، كتائب “حزب الله”، بيانا اعتبره الكثيرون تهديدا مستترا للمتظاهرين، بحسب نيويورك تايمز.
وطالبت في بيانها بـ”حماية هؤلاء الشباب الذين تم خداعهم”، متهمة المحتجين بالسعي لتأجيل الانتخابات النيابية المبكرة، المزمع إجراؤها في 10 أكتوبر المقبل.
وكانت مبعوثة الأمم المتحدة إلى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، قد نقلت الصورة العامة في البلاد إلى مجلس الأمن الدولي، الشهر الماضي، قائلة إن “العديد من قادة الاحتجاج يتم تعقبهم قبل الانتخابات المبكرة”، وهناك “إفلات متفشي من العقاب”.
وأشار تقرير نيويورك تايمز إلى ما وصفه بـ”التأثير المخيف” للاغتيالات على الحملة الاحتجاجية التي كانت تطالب منذ بدء التحركات عام 2019 بانتخابات نيابية مبكرة، ناقلا أن الناشطين يعتبرون الانتخابات “غير مجدية”.
وقالت هديل (19 عاما)، وهي طالبة جامعية احتجت الثلاثاء في ساحة الناصور ببغداد: “لا توجد أحزاب تتمتع بالنزاهة يمكنني التصويت لها.”
وأضافت: “بعد الانتخابات لن نكون قادرين حتى على الاحتجاج، لأن الحكومة ستكون أقوى من ذي قبل وستتمتع الميليشيات بسلطة أكبر”.
وكان قد قُتل أكثر من 560 متظاهرا، غالبيتهم العظمى من المدنيين، وذلك على أيدي قوات الأمن والمسلحين خلال الاحتجاجات عام 2019. وأصيب معظمهم بالرصاص الحي أو بقنابل الغاز المسيل للدموع.
المصدر: الحرة