بقلم: فارس الحباشنة – صحيفة “الدستور”
الشرق اليوم – هل تفكر الدول العظمى للخروج من وباء كورونا ولتفادي هزيمتها المدوية في إدارة أزمة الفيروس والتعامل معه بإنتاج وإشعال حروب وأزمات وصراعات وانقلابات سياسية واجتماعية عنيفة؟
من يتابع شريط الأخبار على شاشات التلفزيون فإن العالم ينفجر وكاد يفقع من شدة الضغوطات السياسية والاقتصادية وشرارة الحروب الصغرى والكبرى تكاد تندلع بأي لحظة، والمقدمات والأرضية خصبة والشروط الموضوعية لأي حرب متوفرة وجاهزة وعلى أهبة الاستعداد.
وهناك من يقول إن العالم بأشد الحاجة إلى حرب كبرى .. ولربما أن تفريخ إنتاج حروب صغيرة في أسيا واوروبا وأفريقا والشرق الأوسط، هو بمثابة تأجيل لحرب كبرى استحق موعدها وشرطها الموضوعي والتاريخي، ومن يقول من علماء المستقبليات بأنها تأخرت قليلا.
كورونا كشف عورة النظام العالمي. وهنا لا أكتب عن المستقبل، ولكن أرثي واقعنا الراهن. العالم اليوم يعيش أشد موجة ركود وكساد وانهيار لدول، لربما ما أصاب الكرة الأرضية اليوم لم يأت من الحربين العالمية الأولى والثانية.
لا أحد يتمنى أن تأتي الحرب. ولكن في تاريخ الأمم الحروب تخلصها من تراكم الفشل والانحدار والتخلف والجهل والفقر والأوبئة. وما فشلت الدول وسلطاتها السياسية بمعالجته فإن الحروب تحله في رمشة عين وكبسة زر، وخصوصا الحروب الحديثة، وتقدم وتطور الأسلحة وأشكال الاشتباك وقواعد الاعتراك العسكري.
وما عدنا نطيق سماع أخبار أمريكا وقطبية أحادية أمريكا. النظام العالمي فاقد للتوازن العادل. السلام والسلم الدولي كذبة كبرى، ولا مكان للاستقرار والأمان مهما حاولت الأمم المتحدة والدول العظمى الدفاع عن الوضع الراهن ومعادلات وتوازنات القوى.
البشرية بلا أخلاق، ومنظومة الأخلاق والقيم شبه منهارة ومعدومة .. رأينا بالحرب الأخيرة على غزة كيف وقف العالم لأسبوعين يتفرج على تدمير شعب معزول، تعرض لإبادة وهتك وتدمير وتشريد، وأقصى مشاعر إنسانية الدول العظمى الغربية خوفها على أمن إسرائيل وشرعنة حقها في الرد على صواريخ المقاومة حماية لنفسها، ودون أن يطرق ضمير وعقل لإنسان حر، من بدا الحرب أولا ؟ ويسال عن موازين ومعادلة القوة بين إسرائيل والفلسطينيين؟ ولكفة من تميل؟
حتى الفيسبوك منصة عولمة التواصل انحازت لإسرائيل، وحرمت ملايين من الفلسطينيين والعرب في نقل روايتهم وصور العدوان الغاشم والمتوحش إلى تعرضت إليه غزة والقدس المحتل.
فمن أين نرى السلم العالمي إذن؟ من صور أزمة كورونا، وكيف أنتجت الدول العظمى اللقاح واحتكارية تجارة وتدوال وتوفير اللقاح وأسست لإمبرالية إمبرالية؟ ثلثا الكرة الارضية بلا لقاح ، وينتظرون شفقة وعطف دول الغرب لياخذوا اللقاح أو أما يموتون من الفيروس .. وأمريكا وبريطانيا تستخدم سياسة تقطير اللقاح على دول الجنوب، وتبتزها، وتخدش سيادتها المخدوشة والمثقوبة، وترهنها إلى تبعية سياسية واقتصادية وصحية جديدة جراء تلقيها لعدد محدود من اللقاحات.
قرب نهاية كورونا .. كما يبدو ينتج أسئلة حتمية عن حرب كونية وسلسلة من حروب صغيرة عابرة للقارات والبحار .. أتحدث في هذه السطور السريعة عن حالات الفشل والاخفاق، ومرحلة كورونا وكيف أن العالم انتقل من قطبية إلى حالة من عدم الاستقرار والتوازن، وأن النظام العالمي يبحث منذ سنوات عن التخلص من الإرث الحالي ومفعوله التراكمي الثقيل، والبحث عن أركان وأدوات لنظام عالمي جديد حتما لن تمر دون اندلاع حروب.