بقلم: عبد القادر شهيب – أخبار اليوم
الشرق اليوم– (قصر نظر) هو الوصف المناسب لرفض البعض منا إسهام مصر بنصف مليار دولار فى اعادة تعمير قطاع غزة بدعاوى شتى، بعضها يتعلق بسيطرة حماس على القطاع، وبعضها يتعلق بعدم توفر حماية لعملية إعادة التعمير فى ظل استمرار حصار غزة، ولكن أهمها أن مصر ليست ميسورة الحال لكى تسهم بكل هذا المبلغ الكبير (٨ مليارات جنيه) فى مساعدة الأشقاء الفلسطينيين على تعمير غزة، بينما هى تحتاج لكل جنيه خاصة فى ظل أزمة سد النهضة الإثيوبى التى تهدد مصالحنا المائية، وما يحتاجه البيت يحرم على الجامع.
فإن هؤلاء لا يرون فيما قد ننفقه على إعادة تعمير قطاع غزة، الذى لن يتحدد إلا إذا تحققت تهدئة طويلة دائمة، هو إنفاق على البيت ذاته وليس إنفاقا على الجامع.. صحيح أن الأشقاء الفلسطينيين سوف يستفيدون منه، ولكننا سوف نستفيد منه أيضا.. وأنا هنا لا أقصد فقط ما ستحصل عليه الشركات المصرية التى سوف تسهم فى عملية إعادة تعمير غزة، وإنما أقصد ما هو أكبر وأهم من ذلك العائد المباشر، وهو ما سوف نحققه فى دعم الأمن القومى المصرى.
فإن مساهمة مصر على هذا النحو الواسع والمهم فى عملية إعادة تعمير قطاع غزة سوف يفرض وجودا مصريا مؤثرا ومهما أيضا فى القطاع من شأنه أن يوفر حماية أكبر للأمن القومى المصرى حينما لا يصبح مصدر خطر لنا، كما حدث فى سنوات مضت.. فإن حماس حتى فى ظل استمرار سيطرتها على القطاع لن تستطيع تجاهل هذا الوجود المصرى فى القطاع، الذى لن يقتصر كما هو الحال على الجهد المصرى لوقف العدوان الإسرائيلى على فلسطينى غزة، وقبله ذلك الجهد المصرى لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وإنما سيكون تواجدا على أرض القطاع يلمسه ويستفيد منه سكان القطاع ذاته وبالتالى سيدعمونه، كما أن هذه المساهمة المصرية فى عملية إعادة تعمير غزة، حينما يحين موعدها، من شأنها أن تزيد من مساحة الدور المصرى فى محيطنا الإقليمى، وهو ما سوف يراكم عوامل تأثير ونفوذ لنا سوف تراعى بالقطع من الآخرين فى إقليمنا حتى ولو كان على غير رغبتهم، ومن بينهم إثيوبيا فى أزمة سد النهضة التى يقول البعض إنها يجب أن تنال اهتماما لنا أكثر من الاهتمام الذى نوليه للعدوان الإسرائيلى الجديد ضد الفلسطينيين فى القدس الشرقية وكل الضفة الغربية فضلا عن قطاع غزة، ومعهم فلسطينيو ٤٨.. ومن بينهم أيضا إسرائيل التى حاولت استثمار حركة قطار التطبيع العربى لتنفيذ مشروعات استثمارية منافسة لنا، والتى يرى أيضا البعض أنها طرف غير معلن فى أزمة السد الإثيوبى.
وهكذا لا يصح أن ننظر تحت أقدامنا ونحن نناقش قرارا أو سياسة، وإنما يتعين أن نمد البصر فيما حولنا، بل وأكثر مما تسمح به الأعين المجردة، وهذا ينطبق على قرار المساهمة الفاعلة لمصر فى تعمير غزة حتى نفهم حقيقة معادلة البيت والجامع!