بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – لعبت الوساطة المصرية دورًا رئيسيًا في وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ونالت ترحيبًا أمريكيًا ودعمًا إقليميًا ودوليًا أدى إلى تكليل جهودها بالنجاح.
وأُسدل الستار على المواجهة الإسرائيلية الفلسطينية المسلحة الرابعة، (بدون حساب اشتباكات محدودة)، والتي بدأت في 2008، ثم 2012، و2014، وأخيرًا الحرب الحالية.
وكما هي العادة، تكبّد الجانب الفلسطيني خسائر أكبر بكثير من الجانب الإسرائيلي، سواء في الأرواح أو المنشآت، ويكفي القول إن حرب 2014- التي كانت الأكثر دموية، والتي جرت في ظل انقسام فلسطيني عميق- أدت إلى استشهاد حوالي 2300 فلسطيني، في مقابل مقتل 68 إسرائيليًا، واستمرت 51 يومًا لم تسفر عن أي تغير في السياسات الإسرائيلية، التي استمرت في بناء المستوطنات، وجعلت بناء الدولة الفلسطينية في الضفة وقطاع غزة والقدس الشرقية أمرًا شديد الصعوبة.
إن حصيلة ما جرى في مواجهات غزة كانت ثقيلة بالنسبة للجانب الفلسطيني، حتى لو لم تصل إلى نفس أعداد حرب 2014، فقد استُشهد 243 فلسطينيًا، بينهم 68 طفلًا و39 سيدة، وأُصيب 1910 فلسطينيين، ومن بين الإصابات: 560 طفلًا، و380 سيدة، و91 مُسِنًّا، أما على الجانب الإسرائيلي، فقد تسببت صواريخ المقاومة في مقتل 12 شخصًا، وإصابة 335 آخرين بجروح مختلفة. واقتربت الخسائر المادية الأولية في غزة من 100 مليون دولار، أما بالنسبة للجانب الإسرائيلي فقد اقتربت من مليار دولار، إذا حُسبت الخسائر الناجمة عن تضرر الموسم السياحي.
الفارق في الخسائر متكرر، ولكنه لا يعني هزيمة المقاومة لأن أصل البلاء ومصدر الصراع هو الاحتلال، الذي يمتلك آلة قتل مرعبة، ويمارس أبشع أنواع التمييز العنصري، ويصبح مبدأ المقاومة بكل صورها ضد المحتل أمرًا مشروعًا والخلاف حول أدواتها وتوقيتها ونتائجها أيضًا أمرًا مشروعًا حتى لا يحول البعض خيارات «حماس» إلى مقدس لا يُنقَد ولا يُناقَش.
والسؤال المطروح بعد وقف إطلاق النار: ما المطلوب حتى يتم إطلاق مسار سياسي جديد يتجاوز أخطاء الماضي ويعمل على إيجاد تسوية سلمية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي عبر تطبيق قرارات الأمم المتحدة، التي لم تحترمها إسرائيل؟
مطلوب حل إشكالية «حماس» داخل منظمة التحرير، وإيجاد صيغة لإعادة دمجها داخل المنظمة، وطرح مشروع سياسي لإنهاء الانقسام الفلسطيني، قابل للتطبيق على أرض الواقع، وهو يتطلب ضخ دماء جديدة في السلطة، ومراجعة أخطاء الفترة السابقة، كما يتطلب من «حماس» تقديم مراجعات جذرية لتحالفاتها الإقليمية، خاصة في ظل الرفض الدولي لها، كما عليها التخلي عن فكرة «الإمارة الإسلامية في غزة»، التي تطبقها عمليًا، حتى لو لم تعلنها، والوعي بأن صمودها وشهداءها والتضحيات الكبيرة التي قدمها مقاوموها لم تسفر عن أي نجاح سياسي يجبر إسرائيليًا على تقديم أي تنازلات.
إطلاق مسار سياسي جديد بمعطيات جديدة تحدٍّ لا يقل صعوبة عن تحدِّي مقاومة المحتل.