بقلم: ليلى بن هدنة – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – تلهث الميليشيات في ليبيا وراء اختطاف اللحظات الأخيرة من فشل مشروعها التدميري، للحاق بأي جديد يعطي له أملاً جديداً، بعد أن انهارت كل محاولات ضرب المسار السياسي، والعمل على إغراق ليبيا في فترة انتقالية طويلة.
ولا شك في أن الميليشيات الحريصة على وضع العراقيل، أيقنت أنها بلا شعبية، وأن إجراء الانتخابات سيطيح بها تماماً من العملية السياسية في البلاد، بعدما بات الشّعب اللّيبيّ يرفض العنف والفوضى، وفرض الأفكار المتطرفة بقوة السلاح.
التدخل الأجنبي في الشؤون الداخلية الليبية، منذ بداية الأزمة وحتى يومنا هذا، بدعم الفوضى وتمويل الميليشيات كانت جميعها من الأسباب، التي مدت بعمر الأزمة، بعد تعرض الوحدة الوطنية للشروخ، وتأزّم الحوار الداخلي والوفاق الوطني، ليتقدّم الانقسام والاقتتال، وتغذية الجماعات بالأحقاد والسلاح، وبالتالي فإن المراهنات على دور دولي في محاربة الإرهاب هي من قبيل ذر الرماد في العيون، لأن كثرة المبادرات تخلق المشاكل أكثر من جلب الحلول، فهناك فصائل سياسية رتبت عراقيل وأزمات لتعطيل سير العملية السياسية، خدمة لمصالحها هي وحلفائها، واعتمدت تصفير الحلول وافتعال المشاكل بديلاً منها.
ومن الضروري ترك الليبيين وشأنهم من دون تدخلات، فهم قادرون على صياغة الحلول المناسبة، الحل السياسي اليوم هو في المتناول لو ترك المجال لليبيين من دون تدخلات خارجية، فهم قادرون على المضي في مرحلة انتقالية سريعة نحو مؤسسات شرعية، يختاروها الليبيون بأنفسهم، والابتعاد عن المحاصصة، التي جلبت الفوضى والانقسامات للبلاد، حيث أن قاعدة الوعي الوطني في نفوس الليبيين أصيلة، لكنها بحاجة إلى مزيد من التعزيز، لا سيما أن هناك قناعة تامة بأن نقاط التقارب هي أكثر من نقاط الاختلاف، على الأقل، حول كيفية تطوير الإطار المؤسساتي، وتطهير المؤسسات من الميليشيات، وتوحيد المؤسسة العسكرية، فالمرحلة الراهنة تتطلب تماسك المجتمع، وقوة الدولة.