By: Jimes Moore – The Independent
الشرق اليوم- بالنسبة إلى التيار التقدمي في أميركا، قد تبدو الفكرة نفسها أشبه بتشجيع شخصية هانيبال ليكتر أثناء متابعة ما يشبه فيلم “صمت الحملان” [شخصية شرير يأكل لحم البشر، في ذلك الفيلم].
ربما يبدو سجل الرئيسة المعزولة لمؤتمر الحزب الجمهوري (ثالث أهم منصب في مجلس النواب) رهيباً بصورة هزلية.
يمكنكم أن تتخيلوا اجتماع كتاب أفلام سينمائية يعملون خلاله على اختيار نص يصلح لإعداد شريط مصور عن سيرة ذاتية، مشيرين إلى “أنه (صاحب السيرة الذاتية) مثير للاهتمام، ولكن يجب أن نعطي الناس شيئاً يمكنهم إيجاد رابط مألوف معه. إنه (صاحب السيرة الذاتية) ليس فيه حتى أي سحر شرير”.
لقد أيدت ليز تشيني شن حروب ودافعت عن “التحقيق المعزز” (أسلوب في التحقيق يتضمن وسائل ضغط تقرب من التعذيب). هل على الإسهاب في شرح معنى ذلك؟ وحتى وقت قريب، دأبت تشيني على التلفظ بسموم عن الحرب الثقافية على محطة “فوكس نيوز”، إلى جانب أفضلهم، آسف، أعني أسوأهم. ويؤكد سجلها الانتخابي على التصويت بنسبة 93 في المئة لمصلحة دونالد ترمب، وقد ظهرت وهي تهلل إلى جانبه.
واستطراداً، لقد ذكر البعض إن عائلة تشيني أدت دوراً أساسياً في فتح الباب أمام استيلاء ترمب على الحزب الجمهوري وساهمت في تحويله من حزب في وسط اليمين إلى حزب بات يشبه حاضراً الأحزاب اليمينة المتطرفة في أوروبا.
قد يكون في ذلك مبالغة بعض الشيء، إذ ساق منشق آخر عن الحزب الجمهوري اسمه ستيوارت ستيفنز، حجة مقنعة مفادها أن العفن ظهر قبل صعود نجم تلك العائلة بكثير. وقد ورد ذلك كتابه “كانت كلها كذبة: كيف تحول الحزب الجمهوري إلى دونالد ترمب؟”. وفي الأقل، كانت أسرة تشيني من معاوني ترمب.
وكأن كل هذا غير كافٍ، ضحت ليز تشيني في إحدى المرات بأختها ماري، وهي مثلية جنسياً، استناداً إلى دواعٍ سياسية، إذ صرحت (ليز) بأنها فيما تحب أختها “كثيراً”، لكن المساواة في الزواج (بمعنى مساواة الزواج بين جنسين مع الزواج بين أفراد الجنس نفسه) “مسألة نختلف حولها”. لا تحصلون على أي جائزة إن حزرتم على أي محطة تلفزيونية أدلت بهذا التصريح.
من جهة أخرى، قد يكون كل ذلك حقيقياً، لكن على منتقديها أن يتذكروا أيضاً أن عدو عدوي هو صديقي.
واستطراداً، ثمة أهمية لإقرار ليز تشيني بالحقيقة الانتخابية بدل الأسطورة الخبيثة (القائلة بتزوير انتخابات 2020)، وقرارها المتأخر بمواجهة الغوغائي الذي يهيمن على حزبها (ترمب).
انظروا إلى ما ذكره زميلها عضو الكونغرس الجمهوري جيم جوردان رداً على دفاعها عن الحزب. لقد أدلى برأي مفاده أن ما قالته تشيني “خطاب ديمقراطي”.
وفي المقابل، إن ذلك الخطاب “الديمقراطي” الذي أشار إليه (جوردان) لم يكن كذلك أبداً. لم يكن سوى الحقيقة المجردة غير المزخرفة. ثمة مشكلة يعانيها الحزب الجمهوري اليوم، تتمثل في أنه بات مرتبكاً إلى درجة استحالة اعترافه بالحقيقة. وقد أغرق معه جزءاً كبيراً من ناخبي أقوى ديمقراطية في العالم.
في تحالف الحزب (يتكون الحزب الجمهوري من مجموعات متحالفة) بعض الأشخاص، ربما المترددون، الذين لن يستمعوا إلى الرئيس بايدن ولا أي زعيم ديمقراطي آخر، كما أنهم يزدرون محطات “أم أس أن بي سي”، و”سي أن أن” وصحيفة “نيويورك تايمز”، لكنهم أيضاً قد يستمعون إلى ليز تشيني وأعضاء “تجمع الواقعيين” الذي أصبحت قائدته، بحكم الأمر الواقع.
ولا تخص هذه المسألة الولايات المتحدة فحسب. إنها مسألة مهمة، إذا فكرتم أيضاً في طريقة تصدير نهج ترمب إلى الخارج. من أين برأيكم نبعت حماسة بوريس جونسون في تأييد قوانين الهوية الانتخابية، على الرغم من عدم وجود أي دليل على التزوير الانتخابي في تصويت قدم له أغلبية 80 مقعداً؟
واستطراداً، لم يتابع جونسون وأصدقاؤه وحدهم بحث الجمهوريون في أريزونا عن ألياف أشجار البامبو لإثبات المزاعم المفبركة كلياً بأن الصين مسؤولة عن أوراق الاقتراع التي أدت إلى فوز بايدن بالولاية.
لم تكن أميركا يوماً أشرس مدافع عن الديمقراطية في الخارج، ويعود ذلك جزئياً إلى نوع السياسات التي أيدها جناح تشيني في الحزب الجمهوري.
في المقابل، يكفيكم تخيل أن ننزلق إلى نوع الاستبداد الذي ساد في بولندا أو هنغاريا أو تركيا أو البرازيل. تخيلوا أن نصبح نموذجاً أكثر سوءاً (من تلك البلدان).
ويشكل الخيار الأخير خطراً حقيقياً إن، أو متى، عاد الحزب الجمهوري الذي يقوده أو يلهمه ترمب إلى السلطة. هناك خطر حقيقي جداً في أن تصبح الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة آخر الانتخابات، أقله من حيث الشرعية.
في ذلك السياق، إن من أسس الديمقراطية الانتقال السلمي للسلطة، وتقبل الطرف الثاني الذي تختلف معه، وكذلك تقبل فكرة أنك ستخسر أمامه أحياناً.
وقد يرى البعض أن قبول (ليز) تشيني العلني للخسارة تحركه دوافع تتعلق بالسلطة أكثر من المبادئ، وهو أشبه بمحاولة أخيرة محكوم عليها بالفشل لجمهورين تقليديين يسعون للتمسك بها. قد يكون ذلك صحيحاً إلى حد ما، لكن من ناحية أخرى، ربما أعادت تشيني قراءة الدستور الأميركي وتذكرت القسم الذي قطعته بالولاء له. بالتالي، تكون دوافعها من أجل التحرك والتصدي، أقل أهمية من واقع أنها تحركت انطلاقاً من أن عدم ظهور من يتصدى لأداء ذلك الدور، يعني يكون مستقبل الولايات المتحدة، بل مستقبل الديمقراطية الليبرالية كاملة، قاتماً بالفعل.