الرئيسية / مقالات رأي / إصرار أمريكا على سياسات فاشلة

إصرار أمريكا على سياسات فاشلة

بقلم: عاطف الغمري – صحيفة “الخليج”


الشرق اليوم – استوقفتني دراسة أمريكية عن الاقتصاد الأمريكي في إطار خطط بايدن. لكنني وجدت أن الجانب الخاص بالسياسة الخارجية في هذه الدراسة، قد جذب اهتمامي أكثر، لما شملته من رؤية أشمل لسياسات بايدن التي جاءت فيها جملة لافتة تقول: «من الصعب لأي مراقب عاقل أن يفهم كيف يمكن لكثير من مؤسسات السياسة الخارجية، الإصرار على تطبيق نفس السياسات نفسها التي سبق أن فشلت في كل مرة يتم تطبيقها».
وتقدم الدراسة نموذجاً لذلك بأن الولايات المتحدة تتمسك باعتبار الصين منافساً استراتيجياً، وأن الرئيس بايدن يصر على أن يمارس على الرئيس الصينى نفوذاً، عن طريق فكرته القائمة على حقيقتين، الأولى إعادة تأكيد قيادة أمريكا اقتصادياً وتكنولوجياً. والثانية: استخدام دول الائتلاف المحيط بالولايات المتحدة، والتي يملأها القلق من الهيمنة الصينية الإقليمية في آسيا. وهذه الدول تضم استراليا، ونيوزيلندا، واليابان، وكوريا الجنوبية، وربما أيضاً الهند وفيتنام.
لكن الرئيس الصيني له توجه مضاد شرحه بقوله إن «الوقت والتطور يقفان في صف الصين. لكن يجب علينا أن نؤكد تصميمنا وثقتنا بموقفنا، لأن الفرص والتحديات متوازنة، رغم أنها هائلة في الحالتين».
وبشكل عام، فإن المسألة لا تتعلق ببايدن وحده، لأن الطبقة صاحبة النفوذ على السياسة الخارجية، وقطاع كبير من الرأي العام ينظرون إلى الصين كعدو أكيد.
أي أن المواجهة تضم طرفين، كل منهما يبدو على ثقة مؤكدة، بقدرته على تحدي الطرف الآخر.
فالرئيس الصيني يعتقد أن الوقت في مصلحة الصين. وهو يشير إلى رصيده منها، متضمناً ما وصفه بمفهوم «حرب الثعالب»، ففي مجال الرد على إجراءات الحرب التجارية، وإعلان بايدن عودة أمريكا لقيادة العالم، فإنه يركز بقوة على أن الصين هي بالضرورة جزء من النظام العالمي، ومن ميزان القوى في العالم. وإن هذا شيء تؤيده أرقام تفوق الاقتصاد الصيني. وإن تلك الأرقام ليست أدلة تطلقها، لكنها تقوم على حقائق، وإلى مبدأ مستقر في إدارة السياسة الصينية.
وأن هذا المبدأ ليس اقتصادياً فقط، لأن هناك هبوطاً لا يمكن إنكاره في الوضع العالمي للولايات المتحدة. وهو ما يقابله تميز النموذج الصيني، مؤيداً بحقائق تبرهن على صعوده.
وتقول الدراسة الأمريكية إنه بالنظر إلى هاتين الصورتين المتقابلتين، ينبغي على الرئيس بايدن أن يتعامل بحرص مع فكرة المواجهة مع الصين، وألا يندفع نحو التصعيد.
وهذا يعود بنا إلى مقولة إنه كان من الصعب على أي مراقب عاقل أن يفهم كيف تصّر مؤسسات السياسة الخارجية، على تطبيق سياسات ثبت فشلها، في كل مرة توضع فيها موضع التطبيق.
إن ثبوت الفشل لم يكن يقتصر على هذه الناحية من آسيا، لكنه كان نهج سياسات إدارة أوباما، التي تعثرت في كثير من محاولاتها تدبير انقلابات في دول الشرق الأوسط، وتغيير أنظمتها عن طريق ما وصف بالفوضى الخلاقة، وإشعال الحروب الشاملة.
وإذا كانت هذه السياسات أسفرت عن اضطرابات وفوضى وزعزعت أنظمة في العراق، وسوريا، وليبيا، وغيرها، فإنها أثبتت أن تلك النتائج كانت بدورها فشلاً تاماً، وصفه خبراء أمريكيون بالرهان الخاسر لأوباما في الشرق الأوسط. المشكلة أن جزءاً من فريق بايدن الذي عمل مع أوباما لا يزال يتمسك بسياساته نفسها.
وإذا كانت الصين هي محور هذه الدراسة في إطار سياسة أمريكا الخارجية، فإن هذه السياسة – وهو ما يتفق عليه مؤرخون وخبراء أمريكيون – ليس لها ضمان في تحقيق أهدافها المعلنة، أو الحيلولة دون دور بروز الصين كقوة أساسية في إدارة النظام العالمي.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …