بقلم: عبدالله الجنيد – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – بين ما يرشح «بتحفظ» عن حدوث تقدم أو ما قد يقرأه البعض «اختراقاً» في مسار المفاوضات القائمة في فيينا حول الملف الإيراني والذي لم يعد فقط حول برنامجها النووي، يحضر الغائب الحاضر، ألا وهو اللقاء الإذاعي المُسرب مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. فهل سرب أو تَسرب ذلك اللقاء الإذاعي، وهل للغط الدائر والذي كان آخره تصريح علي خامنئي في 2 مايو الجاري أي دلالات تتجاوز «العتب اللفظي» بين من يظهر على أنهم فرقاء النظام الإيراني، أم أنه لا يتجاوز أحد توظيفات «تكتيك البازار»؟
شخص وشخصية الجنرال سليماني الاعتبارية ليسا بيتَ القصيد هنا، أو حتى رمزيته المعنوية في شخص «الجمهورية الثورة»، بل هي القيمة السياسية لشخص سليماني وقابلية توظيفها ضمن المسارات المتعددة. فالسجالات الإيرانية – الإيرانية تبقى جزءاً أصيلاً من أدوات الخداع أو التضليل السياسي (تكتيك أو دبلوماسية البازار)، إلا أن قرار الولايات المتحدة وبريطانيا بتقديم ما يشبه «حبل نجاة Life Line» للطرف الإيراني المفاوض هو بهدف إقناع طهران بجدوى الانخراط الكلي في المفاوضات القائمة. وذلك ما قد يفسر قرارهما المتزامن في الإفراج عما يزيد على 7.4 مليار دولار (من الأرصدة المجمدة لديهما) في مقابل إطلاق سراح بعض مواطنيهم المحتجزين لدى طهران.
يتزامن ذلك التطور مع تأكيد الرياض إجراءها محادثات مباشرة مع طهران في بغداد، كما أكدت وزارة الخارجية ذلك في 7 من مايو الجاري، وكذلك الإعلان عن زيارة رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين للمنامة في 6 من مايو الجاري. وتجدر الإشارة إلى أن السيد كوهين كان في واشنطن قبيل ذلك ضمن وفد إسرائيلي أمني رفيع المستوى، وكان ملف إيران بكل أبعاده محورها الرئيس.
من جانبها، علقت الرياض على أن المحادثات جاءت ضمن جهود «خفض التوتر في المنطقة»، إلا أنه من المحتمل أن يكون للمحادثات أهداف أخرى من ضمنها «سد الذرائع» دبلوماسياً، أي تحجيم أو إلغاء دور بعض العواصم ممن امتهن دور الوسيط الإقليمي. وطهران كانت أكبر المستفيدين من دخول بعض هؤلاء على مسار الكثير من الملفات الإقليمية، وحتى ما يتجاوز الإقليمي منها، وأكبرها انهيار مباحثات السلام الأفغانية.
البعد الثالث في هذه المحطة يتمثل في دلالات زيارة يوسي كوهين للبحرين، فهل تقرأ آخر زيارة رسمية لشخص يغادر موقعه الرسمي بعد أن عمل على أدق تفاصيل المواثيق الإبراهيمية، أم أنها جاءت لتحديد موقف مشترك بين الموقعين عليها والموقف من جملة الملفات الإقليمية وعلى رأسها طهران؟ كذلك هل حمل كوهين رسائل خاصة من واشنطن أو تل أبيب حول ذلك؟
آخر الأسئلة الغائبة، لماذا سجّل الوزير ظريف ذلك اللقاء أساساً إنْ كان سيبث في وقت «لاحق غير معلوم»، فهل كان ذلك سيمثل خطاب النصر في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ ظريف وفي لقاءٍ لاحق، وصف الجنرال قاسم سليماني بالشهيد، فهل كانت محاولة استرضاء الناخب الإيراني أو مهادنة مؤسسة الحرس الثوري التي باتت دون رأس سياسي؟