بقلم: ليلى بن هدنة – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – للشهر الرابع على التوالي لم تخرج تونس من الوضعية المعقدة التي أنتجها الانسداد السياسي بين رؤوس السلطة، وما يزيد الوضع صعوبة، هو تقاطع الأزمات الصحية والاقتصادية والسياسية، حيث إن حالة الغليان السياسي ساهمت للأسف في استدامة الأزمات وتوالدها وارتفاع خطورتها مع افتقاد الطبقة السياسية التي تقود المرحلة، ثقافة الوساطة لحلحلة الوضع، حيث غابت المبادرات الفاعلة وجاء محلها التراشق السياسي الذي زاد في اتساع الأزمة ومحاولة تدويلها خارجياً.
لم يعد ممكناً أن يستمر الوضع في تونس على هذه الحالة بين وباء مستفحل يحصد الأرواح بأعداد تتزايد يومياً وحكومة عاجزة عن الوقوف أمام حالة الانهيار الكبير، فالبلاد وصلت إلى انسداد سياسي وتصدع كبير لا يمكن احتواؤه، فإخراج البلاد من وضعها الصعب هو مسؤولية وطنية تستدعي القفز على الخلافات الضيّقة. فالتونسيون قد سئموا المناكفات السياسية، وهم في حاجة إلى طمأنتهم في ظل التدهور المستمر لمقدرته الشرائية وانهيار الوضع الصحي وتردي الوضع الاقتصادي، فلا بدّ من بدء حوار جاد، تتجاوز البلاد به حالة الانسداد السياسي حتى تتفرّغ المؤسسات للاضطلاع بأدوارها وتوجيه طاقاتها لمواجهة التحديات المطروحة.
لا شك أن النظام السياسي الذي أرساه دستور 2014 فتح الباب على مصراعيه أمام الصراع على الصلاحيات والنفوذ في أعلى هرم السلطة. وممَّا زاد الطين بلّة أن الفاعلين السياسيين أرجأوا تركيز أسس المحكمة الدستورية، فليس هناك هيئة يمكن أن تفصل في النزاعات حول الصلاحيات الدستورية، وليست هناك طبقة سياسية فاعلة قادرة على إنهاء الانسداد، ولكن الإشكال لا يتعلق فقط بالمحكمة الدستورية، وإنما بالعقول المتصلبة، فالحل واضح بين فرضية الاستقالة والإقالة، ففي حالة الاستقالة تعود المبادرة لرئيس الدولة، وفي حالة الإقالة تعود المبادرة للبرلمان للتصويت على بديلة.