الشرق اليوم- بعد سنتين على نشوء منطقة “بانجسامورو” ذاتية الحُكم في “مينداناو” المسلمة، تمرّ عملية السلام الرامية إلى إنهاء عقود من الحرب في جنوب الفلبين بمرحلة شائكة.
يقود المتمردون السابقون في “جبهة تحرير مورو الإسلامية” الحكومة المؤقتة، وهم يتجهون إلى بناء مؤسسات في الإقليم الجديد وتمرير تشريعات أساسية قبل الانتخابات الأولى التي ستشهدها المنطقة في عام 2022، لكن قد تتأجل هذه المهلة بسبب تفشي فيروس كورونا، كذلك بدأ عامل مؤثر آخر من اتفاق السلام المبرم في عام 2014 بين المتمردين وحكومة الفلبين يضعف الآن: إنها “عملية التطبيع” التي تشير إلى خليط طموح من التدابير الرامية إلى تسريح مقاتلي “مورو” المسلمين وتحويل معسكراتهم إلى مناطق سلمية ومثمرة، وإطلاق مسار قضائي انتقالي، وتنفيذ سلسلة من المبادرات التي تهدف إلى بناء الثقة بين مختلف الأطراف. كانت بداية هذه العملية واعدة نسبياً، لكن تباطأ مسارها مجدداً بسبب كورونا على مر السنة الماضية، فزاد احتمال أن يعيش المدنيون والمقاتلون السابقون خيبة أمل كبرى.
كان انتشار فيروس كورونا مصدر إلهاء غير مرحّب فيه بالنسبة إلى عملية السلام في “بانجسامورو”، فزادت الضغوط على مانيلا والحكومة الإقليمية للتركيز على المسائل المرتبطة بنظام الحُكم والصحة العامة بدل مواجهة التحديات المتعلقة بالمرحلة الانتقالية وعملية التطبيع. يتكلم الكثيرون اليوم عن إطالة المرحلة الانتقالية إلى ما بعد عام 2022.
كان إعلان الرئيس رودريغو دوتيرتي حديثاً عن إصدار عفو بحق الجماعات المتمردة الفلبينية، بما في ذلك “جبهة تحرير مورو الإسلامية”، خطوة واعدة تمهيداً لإعادة إحياء عملية التطبيع وتقوية الثقة داخل الجبهة في زمن الوباء الصعب، لكن الوضع يتطلب خطوات كثيرة أخرى كي تسترجع تلك العملية زخمها في هذه المرحلة المفصلية. يجب أن تبدأ الحكومة الوطنية بتسريع إيصال المساعدات الاجتماعية والاقتصادية الموعودة إلى المقاتلين المسرّحين لطمأنة العصابات السابقة إلى استفادتها من السلام ولإقناع “جبهة تحرير مورو الإسلامية” باستمرار التزامها بعملية السلام، وسيكون تسريع خطة حل الجيوش الخاصة عاملاً أساسياً أيضاً لتجنب الفراغ الأمني الناجم عن تفكيك “جبهة تحرير مورو الإسلامية”، لأن أي فراغ مماثل قد يؤدي إلى تأجيج الصراع في أنحاء “بانجسامورو”.
يجب أن تلتزم “جبهة تحرير مورو الإسلامية” بخريطة الطريق الأصلية، حتى لو طالت مدة المرحلة الانتقالية، كذلك يجب أن يسعى المتمردون السابقون إلى تقوية آليات حل الصراعات المحلية لمعالجة الخلافات العنيفة التي تنشأ بين القبائل وقد تؤثر على أجزاء مختلفة من المنطقة وتُهدد السلام في نهاية المطاف.
دعم المجتمع الدولي عملية السلام في “بانجسامورو” منذ عقد اتفاق 2014، وهو يضطلع بدور أساسي في هذه المرحلة المضطربة، حيث تستطيع الجهات المانحة أن تُحرك الوضع في الاتجاه الصحيح عبر تقديم المساهمات إلى “صندوق بانجسامورو الاستئماني”: إنها الآلية التي أنشأتها الحكومة و”جبهة تحرير مورو الإسلامية” لتمويل مشاريع التنمية الكبرى، وتُعتبر المبادرات التي تُركّز على المشاريع التنموية في معسكرات الجبهة الستة أساسية، لكن يجب أن تحصل المناطق الأخرى التي تأثرت بالصراع على الدعم أيضاً، فقد تزيد الاضطرابات بسبب توزيع المساعدات بطريقة غير عادلة، فتتوسع مشاعر البغض والصراعات نتيجةً لذلك.
كان اتفاق السلام المحوري في عام 2014 يتوقع وضع خريطة طريق شاملة لإرساء السلام ومعالجة المسائل المعقدة في صراع “بانجسامورو” لطيّ صفحة هذه الحرب نهائياً، ولتحقيق توقعات السكان هناك، يجب ألا تسمح مانيلا ولا المتمردون السابقون للوباء بتغيير مسارهم بعد إحراز تقدّم واعد باتجاه مرحلة انتقالية سلمية، ورغم جميع العقبات، يجب أن يعود الطرفان إلى روحية التعاون التي سمحت بإقرار اتفاق السلام التاريخي.
نقلاً عن الجريدة الكويتية