BY: JASON DEMPSEY
الشرق اليوم – إن الرئيس الأمريكي جو بايدن، كان على حق في رفض توصيات مجموعة الدراسة الأفغانية والأمر بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان.
من الواضح أنه لم يكن قرارا سهلا، حيث تضمن مخالفة توصيات العديد من القادة العسكريين الحاليين والسابقين الذين استثمروا بشكل كبير في هذا الصراع. ولقد سمعنا الكثير بالفعل عن المقاربات القائمة على الشروط وكل ما قد تخسره أفغانستان بانسحابنا. وغاب عن تلك الحجج بشكل خاص أي اعتراف بمدى عدم كفاءة وعدم فاعلية مسعانا العسكري الذي استغرق ما يقرب من 20 عاما، وكيف ساهمت جهودنا حتى الآن في الخلل الوظيفي في أفغانستان، ولماذا يجب ألا نتوقع أن “المزيد من نفس الشيء” سيؤدي إلى نتائج أفضل الآن.
أمامنا أقل من خمسة أشهر قبل تاريخ الانسحاب المعلن، لذا فإن مسألة فيما أخطأنا ليست مجرد نقد ذاتي إنها خطوة ضرورية وعاجلة لضمان استخدام أفضل للنفوذ المتبقي لدينا الآن وبعد أن نسحب القوات من أفغانستان. وربما، حتى في هذا التاريخ المتأخر، يساعد ذلك في تحقيق هدف بلد قادر على مقاومة هيمنة طالبان.
“لديكم الساعات، ولدينا الوقت” هي عبارة شائعة بين قدامى المحاربين في الحرب في أفغانستان. وينسب هذا القول إلى عضو في حركة طالبان، ويبرز الفرق بين صبر طالبان والرغبة الأمريكية في الانتصار بسرعة والعودة إلى الوطن. غالبا ما يتم استخدامه كذريعة لافتقارنا إلى التقدم في الحرب في إشارة إلى أنه لم يكن بإمكان الجيش فعل أي شيء للتغلب على هذه الديناميكية السياسية ضمنيا.
ومع ذلك، لم يكن السياسيون، ولكنّ القادة العسكريين الأمريكيين هم الذين دفعوا لسنوات بحلول قصيرة الأجل للحرب، بينما استخدموا تصريحات تبدو عميقة مثل هذه والتأكيدات الغامضة بأن مكافحة التمرد تستغرق وقتا للتغطية على فشل نهجنا.
يفتقد من هذه العبارة الجذابة أولئك الذين لديهم دائما نفس الوقت الذي تقضيه طالبان: القوات الأفغانية تقاتلهم. هؤلاء الأفغان، الذين يبلغ عددهم مئات الآلاف، قاوموا طالبان طوال حياتهم، حيث يموت عدة آلاف بشكل مباشر في القتال كل عام. لقد ضحى الكثير منهم في الحرب ضد التطرف أكثر مما يجرؤ أي أمريكي على تخيله، وهذا يثير السؤال غير المريح حول سبب فشل القوات الأفغانية في مواجهة طالبان. الجواب بسيط: أعطيناهم ساعات.
وبدلا من بناء قوة تناسب أفغانستان، قمنا ببناء نموذج مصغر عن جيشنا، يتطلب دعما لوجستيا كبيرا وقدرات تقنية لإدارتها. قوة تعتمد بشكل كبير على القوة الجوية والعربات المدرعة لمحاربة العدو الذي يعتمد على قدميه وعبوات ناسفة وكلاشنكوفات، هذا ليس كشفا جديدا، ولكن عرفه القادة العسكريون الأمريكيون المتعاقبون ذوو النظرة المتفائلة أو الوهمية الدائمة بأن إمكانية الانتصار على طالبان كانت على وشك الحدوث، كانت الغريزة دائما هي المضاعفة، أو الاستمرار في دعم القوات الأفغانية لفترة كافية لجعلها تتجاوز خط النهاية.
ولسوء الحظ، كان هناك دائما خلل فادح في هذا النهج. لم يكن دفع التكنولوجيا الغربية والقوة النارية إلى الجيش الأفغاني كافيا للتغلب على طالبان، وليس عند ضخ مليارات الدولارات في حكومة غير مجهزة للتعامل معها، كما ساهم أيضا في الفساد وعدم الشرعية التي فتحت مساحة سياسية إضافية لطالبان لتنشط.
ومع قرار الرئيس بايدن بالانسحاب من هناك سيكون هناك بلا شك عواقب على الجيش الأفغاني. إن غياب القوة الجوية الأمريكية المستمرة سيمكن طالبان من التحرك بحرية أكبر، بينما ستواجه الحكومة الأفغانية تحديا لنقل أفضل مقاتليها في جميع أنحاء البلاد عبر طائرات الهليكوبتر لمواجهة المكاسب التي تحققها حركة طالبان.
ولسوء الحظ، ركز القادة العسكريون الأمريكيون كثيرا على بناء قوة تعتمد على هذه الأصول بحيث سيستغرق ظهور قوات أمن أكثر ملائمة لأفغانستان بعض الوقت، وليس من المؤكد ما إذا كان يمكن تشكيل قوة فعالة في مواجهة زيادة هجمات طالبان.
إن هذا سبب إضافي لضرورة التقييم الصادق وبسرعة. وللأسف، أن هناك القليل من المؤشرات على حدوث ذلك حتى الآن.
كما يجب الاعتراف بفشل النهج، ليس فقط لفهم الأخطاء التي ارتكبها الجيش الأمريكي، ولكن لفهم مستقبل القوات الأفغانية أثناء انسحابنا. وهناك بالفعل بعض النقاش حول مواصلة دعم صيانة وتشغيل أسطول ضخم من طائرات الهليكوبتر بلاك هوك وغيرها من الأصول التي أصبحت القوات الخاصة الأفغانية تعتمد عليها. وسيكون من الخطأ توفير التمويل اللازم للحفاظ على هذه الأصول وتوظيفها عند المستويات الحالية.
ويجب علينا، أخيرا، أن نعترف بأن بناء جيش وطني يتطلب نوعا من الدعم التكنولوجي واللوجستي الذي اعتادت عليه الجيوش الغربية لم يكن فقط إهدارا هائلا للدم والكنوز الأمريكية، ولكنه في الواقع أدى إلى نتائج عكسية للقتال. وإن التخلي عن رؤيتنا الوهمية للجيش الأفغاني سيكون مؤلما على المدى القصير، ولكنه ضروري للاستقرار الأفغاني على المدى الطويل.
وقد حان الوقت لأن نحول تفكيرنا عن الملايين من الدولارات التي نحتاجها للحفاظ على هيكلية طيران حربي عاملة، إلى التأكد من أن الأصول التي هي في الواقع مستدامة ومفيدة للقوات الأفغانية موجودة مع انسحاب القوات الأجنبية.
سيكون من المؤلم مشاهدة انتقال السلطة للجيش الأفغاني، لكن فكرة أن هذا الجيش ليس منقسما بالفعل هي مجرد وهم. حيث لم يتم تحديد ولاءات الضباط الأفغان بدقة في هيكل التسلسل القيادي الذي استنسخناه من عقيدتنا العسكرية، لكنها تكمن إما في السياسيين الذين حصلوا على وظائفهم أو القبائل والجماعات العرقية التي دعمتهم.