الرئيسية / مقالات رأي / أكبر سدود النيل.. حقائق حول الصراع

أكبر سدود النيل.. حقائق حول الصراع

بقلم: فولفيو جريبالدي – المصري اليوم

الشرق اليوم – ماذا لو افترضنا وسمحنا لسويسرا بأن تقيم بحيرات وسدودا لكي تعاقب ألمانيا وهولندا ولوكسمبورج وتمنع وصول مياه نهر الراين إليها، أو أن تقيم بيرو سدودا ضخمة على نهر الريو بالأمازون وتقلل وصول المياه إلى البرازيل بشعوبها التي تعاني. أو أن تشيد ألمانيا سدودا ضخمة تمنع تدفق المياه إلى النمسا وسلوفاكيا والمجر وصربيا ورومانيا أو أن تقوم الجمهورية التشيكية ببناء سدود عملاقة على نهر الأودر فينتج عنها تسحر الحقول وجفاف حلوق الألمان في سيليسياـ بولندا الحالية- أو في ألمانيا، أو أن تقوم جمهورية التشيك نفسها باعتراض نهر الألب لتحرم ألمانيا من مياهه أو لنمضي لما هو أبعد ونفترض أن الصين نفسها تنشئ سدودا على إقليم التبت لتقلل وصول المياه إلى صحراء ميانمار ولاوس وتايلندا وكمبوديا وفيتنام.
هذا الافتراض سيقابل قطعا بالرفض القاطع، لذا أدعوك أيها القارئ أن تتمعن في السطور التالية التي أوجهها لإيطاليا والتي كانت بالنسبة لمصر شريكا متميزا خلال سنوات طويلة ومثمرة في التبادل والتعاون على جميع الأصعدة.
اليوم يبدو أن بلدي قد عرض للبيع بثمن بخس ثمار هذا التقارب الجغرافي والتاريخي بما ينتج عنه من أضرار لوطني ذاته وللشعب الإيطالي، كل هذا بسبب المناورات الجيوسياسية. تدفعها وتقودها مصالح متعارضة مبنية على كذبة كبيرة. ونحن بصدد تحقيق خسائر كبيرة سواء لإيطاليا أو لمصر أو للعالم العربي في العموم. بهدف زعزعة استقرار المنطقة بأسرها تحت راية يطلق عليها الفوضى الخلاقة.
عودة الاستعمار الحديث للعمل.. استعادة الممتلكات المفقودة
لقد كنت منذ ستينيات القرن الماضي محررا للبي بي سي ومراسلا لعدة صحف إيطالية ودولية وعملت كذلك في تليفزيون الدولة – راي – وقد تخصصت في شؤون الشرق الأوسط والوطن العربي والذي كان يشهد وقتها نهضة كبرى وتحرر من الاستعمار والذي يطل برأسه الآن بحجج وأشكال جديدة، بالإضافة لأسلحة جديدة وحصار اقتصادي وإشاعة التخريب داخليا.
إن مصر التي زرتها في مناسبات عديدة منذ أيام الرئيس جمال عبدالناصر، سواء للعمل أو لقضاء الإجازات ومصر كما كانت قلب العالم العربي ومع ناصر صارت البلد الرائد سياسيا واجتماعيا.
لقد واكب هذا التطور العديد من الدول المشاركة في هذه النهضة متخذة مصر كنموذج يحتذى به مثل ليبيا وسوريا والعراق واليمن والسودان والجزائر، إنها شعوب انشغلت برخائها وسيادتها الوطنية ومقاومة الاستعمار الحديث. البعض منها استسلم والبعض الآخر قاوم ولكنها ستنهض جميعها من وقت لآخر.
الهدف هو مصر
ما كان لمصر أن تفلت من هذا المخطط فهي البلد القوي صاحب الكثافة السكانية الكبيرة ويقع في مفترق طرق أماكن كثيرة وقارات وطرق استراتيجية فإن بعض الدول الكبرى تسعى إلى تقليص ظروف تبعيتها.
إن مصر المدنية والوطنية قد انتصرت في حربها الأولى نحو الديمقراطية وتحرير شعبها، وذلك حينما وصلت إلى السلطة بمؤامرة دولية دون إرادة شعبها جماعة قديمة تخدم مخططات الاستعمار وهي «جماعة الإخوان المسلمين» بشموليتها الظلامية والدينية والسياسية. لقد احتشد ملايين المصريين تتقدمهم العديد من النساء ضد حكم مرسي والذي انتخب بفضل امتناع الأحزاب المدنية عن المشاركة في الانتخابات وقد لبى الجيش نداءهم متدخلا كما فعل سابقا في أوقات سابقة من تاريخ التحرير. إن نجاح الشعب وممثليه في هذا الأمر ما كان يلقى تسامحا ممن تمنوا أن يروا مصر بواسطة الإخوان المسلمين ستكون بلدا مطيعا وخاضعا كما حدث قبل وبعد الحرب العالمية الثانية وهو وضع يتصف بالتبعية والخضوع مما دفع لقيام الثورة الناصرية.
إن أغلب وسائل الإعلام الغربية قامت بحملة كراهية وتشهير ضد مصر وحكومتها معتمدة على ما نسميه عملية «جوليو ريجيني».
إن هؤلاء لم يغفروا للقاهرة تخلصها من الظلاميين وتأكيدها لسيادتها وتدعيمها لسيادة سوريا ضد حروب الجهاديين ومحاولتها لإنقاذ ليبيا من تدمير الناتو وتحريرها من سلطة الإخوان المسلمين وتابعيهم من العصابات الجهادية ولسان حالهم يقول: «إن مصر تسير وطنا حرا ومقررا لمصيره إذا لنمد يدنا للجهاديين».
إنهم لم يغفروا للمصريين بأنهم أقاموا بلادهم من عثرتها ومن التحدي الذي واجه بنيتها التحتية وذلك بحفر قناة السويس الثانية في أقل من سنة لتصير مصدرا للدخل والنمو الاقتصادي لكل الشعب المصري. لن يغفروا لهم أنهم بنوا في وقت قياسي العاصمة الإدارية الجديدة لتقليل الازدحام عن القاهرة ولعودتهم لجذب السياحة مرة أخرى وتوجيهها نحو كنوز أثرية وطبيعية جديدة وتحقيقها لعدالة اجتماعية بعد أن قضت على السياسية الطائفية والمناهضة للعمالة في زمن مرسي وكذلك إعادة تكوين الوحدة الوطنية بعد أن قام محاربو الإخوان بحرق الكنائس القبطية بهدف خلق الحرب الطائفية.
إن حصار مصر الجديدة والتي عادت تقود الوطنيين العرب يتم تنفيذه بطرق متعددة منها أن المتسلقين من الإعلاميين الذين يغطون مصر يذكرون أرقاما من المحتجزين والقتلى تعزى بدون دليل إلى القمع السياسي لحكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي.
إن هذا يحدث مع نقص كامل لذكر الحقيقة وينقلون أرقاما بدون دليل عن منظمات غير حكومية مرتبطة بمصالح استعمارية وإمبريالية مثل منظمة العفو الدولية ومنظمة حقوق الإنسان وهي منظمات تنشغل بتجهيز الأماكن لعدم الاستقرار عن طريق الحروب والعقوبات وأعمال الشغب في بلاد تسعى لتقرير مصيرها.
معلومات أم دعاية
تتردد منذ سنوات أرقام مثل 60 ألف سجين يطلق لفظ «سياسيين» في السجون المصرية ويتم التحدث عن تعذيب وقتل ممنهج وبصرف النظر عن أن هذه الأرقام لم يتحققوا منها فإن أحدا منهم لا يذكر بأن مصر ومنذ سقوط مرسي تعاني من هجمات إرهابية من عصابات جهادية تعتبر الذراع المسلحة للإخوان نتج عنها آلاف الضحايا من المدنيين وقوات الأمن خاصة في سيناء وكذلك محاولات لاغتيالات كبار ممثلي المؤسسات المصرية ومعظم من تم القبض عليهم وزجهم في السجون هم من يحركون الحرب ضد مصر من الإسلاميين.
والعجيب أنه في الوقت الذي تتحدث فيه وسائل الإعلام الغربية عن حق وأهمية محاربة الإرهاب ذي الميول المشبوهة يتم إلقاء اللوم على مصر لحمايتها لمواطنيها من هذا الإرهاب.
إن الحرب على الشعب المصري تتداخل فيها عوامل أخرى وسيناريوهات جيوسياسية ومنها سعى تركيا ذات التوجه العثمانى الحديث تأكيد سيطرتها على جزء كبير من البحر المتوسط وثرواته المعدنية وأن تفرض سيطرتها على ليبيا العربية بهدف إخضاع مصر بطريقة بطيئة تشمل الاستنزاف البطيء لمواردها الحيوية أي «المياه».

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …