الرئيسية / مقالات رأي / انسحابات أمريكا

انسحابات أمريكا

بقلم: الأب رفيق جريش – المصري اليوم


الشرق اليوم – نفس الأسلوب.. نفس السياسة.. نفس الخطة.. نفس السيناريو.. تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية. فبعد غزو العراق في مارس 2003 بدعوة تحقيق الديمقراطية تعود بعد عشرين سنة لتسحب قواتها العسكرية، بعد أن فشلت في تحقيق الديمقراطية بل تركت بلدًا «فقيرًا» منقسمًا على ذاته بين السنة والشيعة، وسمحت بتدخل إيران وتكوين قاعدة لها، وانتعشت الدولة الإسلامية التي أصبحت فيما بعد داعش وأخواتها، وتمدد الإرهاب في ظل وجود القوات الأمريكية في العراق وأماكن أخرى، بل انجذب إليها شباب أمريكي وأوروبي لينضم في صفوف الإرهابيين ويرهب بلاده ذاتها. تذكروا فرنسا والاعتداءات الإرهابية التي ضربتها، ناهيك عن الذين هُجِّروا قصرًا من بلادهم وتشتتوا في بلاد العالم.
نفس الأسلوب.. نفس السياسة.. نفس الخطة.. ونفس السيناريو.. حاربت الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان عام 2001، بدعوة تحقيق الديمقراطية ومحاربة طالبان الإرهابية وبن لادن وغيرهم، الذين هم صنيعها، واليوم الإدارة الامريكية أعلنت انسحابها من هناك بعد أن فشلت في تحقيق أي ديمقراطية، بل اضطرت الولايات المتحدة للحوار مع طالبان لضمان «خروج آمن» لقواتها، تاركة وراءها شعبًا فقيرًا وحكومة هشة لم تستطيع بسط سلطتها إلا على جزء يسير من الأرض، والباقي في يد الإرهابيين، وذلك بعد عشرين عامًا من التواجد.
وليس غريبًا أن يكتمل انسحاب القوات الأمريكية يوم 11 سبتمبر 2021، أي في ذكرى الهجوم الإرهابي الذي تم على برجي التجارة العالمي وبعض المباني الأخرى. فهذا التاريخ الذى كان الحُجة التى بها حارب الرئيس بوش الابن في أفغانستان للقضاء على الإرهاب، ها هو بعد عشرين عامًا ولم يتم شيء لصالح الشعب الأفغاني مثل نظيره العراقي.
والآن، تنسحب القوات الأمريكية تاركة طالبان وغيرهم بأسلحتهم، بل تاركة المجال لتدخل دول عظمى أخرى خاصة إيران وروسيا والصين، لتتحول أفغانستان إلى بؤرة جالبة للإرهابيين، ووكر لتجار الحشيش الذين يمولون الإرهاب والإرهابيين. والولايات المتحدة التي صرحت أنها ستترك بعض القوات لحفظ أمن دبلوماسييها، وتدريب الجيش والشرطة الأفغانية لتحقيق الأمن، لن تستطيع الوفاء بوعودها لأنه بكل بساطة لا يوجد سياسي أمريكي واحد تساءل ماذا تفعل القوات الأمريكية في أفغانستان وبعدها العراق، وما هي الاستراتيجية الأمريكية هناك؟ ومازال بعد عشرين عامًا لم يجب أحد عن هذا السؤال، وها هي الإدارة الأمريكية الجديدة تتخبط، حتى لا يظل شبابها المحارب أكثر من ذلك خارج بلاده، في ظل رؤية ضبابية لمستقبل بلاد مثل العراق وسوريا وأفغانستان، والذين يدفعون الثمن هم تلك الشعوب المغلوبة على أمرها، وتزداد بؤسًا وفقرًا ومرضًا كل يوم.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …