الرئيسية / مقالات رأي / انسحاب أمريكا من أفغانستان

انسحاب أمريكا من أفغانستان

بقلم: منار الشوربجي – المصري اليوم


الشرق اليوم – قرار الانسحاب من أفغانستان حسم الخلاف بين مؤسسات صنع السياسة الأمريكية، وبين الولايات المتحدة ودول حلف الأطلنطي، بل بين إدارة بايدن والحكومة الأفغانية. بينما انطوى القرار على الكثير من الغموض، فقد مثل اعترافا ضمنيا بالفشل الأمريكي في أفغانستان.
فمنذ الأيام الأولى لتولي الإدارة الجديدة، كان من الواضح أن رئيس الأركان الأمريكي معارض بشدة لذلك الانسحاب. وشهد اجتماع لمجلس الأمن القومي في تلك المرحلة المبكرة خلافا شديدا بينه وبين وزير الدفاع بخصوصه. كما أن بعض أجهزة الاستخبارات الأمريكية تعارض الانسحاب هي الأخرى.
لكن يبدو أن بايدن، منذ زيارته لأفغانستان بتكليف من أوباما، حين كان نائبا له، صار على قناعة بضرورة الانسحاب، بعد أن كان من أهم من أيدوا الغزو عام 2001 كعضو بمجلس الشيوخ. وهو ما قاله بنفسه في خطابه الذي ألقاه الأسبوع الماضي لإعلان قرار الانسحاب. وفي الخطاب نفسه، انتقد بايدن معارضي القرار داخل إدارته وخارجها قائلا إنهم يريدون البقاء في أفغانستان بينما لا يملكون أية إجابات حول المدى الزمني لذلك البقاء، ولا حتى الشروط الواجب تحققها قبل الانسحاب.
والإدارة سعت منذ أيامها الأولى للتنسيق مع حلفائها في حلف الأطلنطي بخصوص ذلك الانسحاب، والذي عارضته بعض دوله، فضلا عن الأمين العام للحلف. وفي انسحابها، تسعى الإدارة لنقل المسؤولية لدول أخرى ذات مصالح حيوية بأفغانستان، أي باكستان والهند والصين وروسيا. كما كلفت تركيا بعقد المفاوضات بين الحكومة الأفغانية وطالبان. وهي تولي تسعى لأن تتولى الأمم المتحدة، لا أمريكا، مفاوضات التسوية بين كل تلك الدول والأطراف الأفغانية. وليس خافيا أن إدارة بايدن على خلاف مع الرئيس الأفغاني. فقد تسرب للإعلام مبكرا نص رسالة شديدة اللهجة من وزير الخارجية الأمريكى إلى الرئيس الأفغاني يحثه فيها على الموافقة على البنود التي حملها له زلماي خليل زاد بخصوص خطوات التوصل لتسوية سياسية وحذره من أن استمرار الرفض معناه أن تختل الموازين لصالح طالبان، حال الانسحاب المؤكد للقوات الأمريكية.
إلا أن «الانسحاب» لا يعني بالضرورة نهاية التورط الأمريكي. فما يتحدث عنه بايدن وفريقه هو انسحاب القوات البرية، والتي لا يتعدى عددها 3500 جندي. لكن سحب تلك القوات لا يعني بالضرورة نهاية القصف من الجو بما فى ذلك عبر الطائرات بدون طيار، ولا حتى نهاية لعمليات القوات الخاصة على الأرض. ثم إن وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين رفضا الإفصاح عما قصداه بالضبط حينما قالا إن أمريكا بصدد «إعادة توزيع قوات مكافحة الإرهاب»، في المنطقة المحيطة بأفغانستان. ولا يوجد تعريف واضح لطبيعة «دعم القوات الأفغانية» الذي تؤكد عليه الإدارة.
غير أن اللافت للانتباه في خطاب بايدن هو أنه اعتبر غزو أفغانستان والبقاء فيها لمدة عشرين عاما عملا ناجحا، «حقق الهدف» منه. فهو قال إن الهدف وقت الغزو كان القضاء على تنظيم القاعدة «ومنع استخدام الأرض الأفغانية للهجوم مستقبليا» على الولايات المتحدة.
ومن هنا، فلعل الأكثر دلالة في خطاب بايدن كان ما قاله عن الإرهاب عندما كان يعرض للمنطق وراء قرار الانسحاب. ففي حين قال قبلا إن الهدف قد تحقق بمواجهة القاعدة، التي تقلص، عنده، دورها في أفغانستان، فإن البقاء في أفغانستان تحديدا لم يعد ضروريا لأن الإرهاب قد «انتشر وتشظى» في كل أنحاء العالم. وهو ما يعنى بالضرورة أن الهدف من غزو أفغانستان لم يتحقق أصلا، بل وأدى لنتائج عكسية!

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …