بقلم: حمادة فراعنة – صحيفة الدستور
الشرق اليوم- الذين يرفعون شعار لا انتخابات فلسطينية بدون القدس، محقون، حجتهم صحيحة، دوافعهم وطنية مخلصة، ولكن الذين يقولون إن عدم إجراء الانتخابات لأن سلطات المستعمرة لا تريد هذه الانتخابات، هُم محقون أيضاً، حينما يرون أن عدم فرض الانتخابات وتأجيلها، قرار يستجيب لرغبة الاحتلال الذي لا يريد الانتخابات الفلسطينية، ويعمل على إلغائها، وتبديد آثارها الوطنية.
من لا يريد الانتخابات بدون القدس محق، ولكن المطالبة بتأجيلها يستجيب عملياً لقرار الاحتلال ورغبته ومخططاته وبرنامجه في رفض إجراء الانتخابات، ومن هنا يمكن الاستنتاج وحاجة البحث عن البديل لإجراء الانتخابات عبر الشراكة الوطنية، والاعتماد على القرار الوطني، من خلال إيجاد الأدوات والوسائل الكفاحية الجماهيرية لجعل معركة إجراء الانتخابات، معركة وطنية من أجل القدس، لا من أجل شطبها أو التراجع عنها، بل من أجل أن تكون الانتخابات عنواناً لتقرير المصير، لمتطلبات الحرية والاستقلال، وحشر الاحتلال في زوايا العداء لحقوق الإنسان، ورفضه للديمقراطية، وتقديم إضافة نوعية أمام المجتمع الدولي المتحضر، عن الفرق الجوهري البائن بين تطلعات المشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، وبين سلوك المستعمرة الإسرائيلية العدواني التوسعي غير الديمقراطي، غير المتحضر، المعادي للقيم الإنسانية ولقرارات الشرعية الدولية.
قرار الاستمرار بإجراء خطوات الانتخابات نحو المجلس التشريعي يوم 22/5/2021، أو تأجيلها، يجب أن يكون قرارا وطنيا، غير حزبي، غير تنظيمي، غير مقتصر على قيادة حركة فتح لتستأثر به أو تنفرد باتخاذه، بل على الرئيس أن يدعو للقاء الأمناء العامين لكافة الفصائل كما حصل يوم 3/9/2020، ليكون القرار جماعياً وطنياً، يتشارك الجميع في اتخاذه وتحمل تبعاته، طالما تتوفر الإرادة الوطنية في الوصول نحو إنهاء الانقسام وترسيخ قيم وسلوك وتوجهات الشراكة الوطنية وترجمتها في مؤسسات العمل الوطني: المجلس التشريعي والمجلس الوطني.
لقد نجحت حركتا فتح وحماس في التوصل إلى تفاهمات، وعرضت هذه التفاهمات وفرضتها على باقي الفصائل، ولذلك يجب الاعتماد على هذه التفاهمات، كي تكون قاعدة التوصل إلى قرار جماعي مُلزم نحو إجراء الانتخابات ومواجهة سياسات المستعمرة والتصدي لها وتحديها، من خلال العمل على إجراء الانتخابات وليس تأجيلها.
لقد تراجع الحضور الفلسطيني، وقوة اندفاعه، أمام تفوق العدو وتوسعه الاستيطاني، بسبب الانقسام وحالتي الاستئثار من قبل فتح في الضفة الفلسطينية وحماس في قطاع غزة، وقد عملت سلطات المستعمرة وأجهزتها على تغذية هذا الانقسام والسعي لاستمراريته، ومن جملة هذه السياسات وفي طليعتها العمل على منع إجراء الانتخابات.
من يرفع شعار لا انتخابات بدون القدس يستجيب لخطة الاحتلال وبرنامجه في منع إجراء الانتخابات في القدس، ولذلك يجب مواصلة القرار وتنفيذ خطوات العمل لإجراء الانتخابات بما فيها البحث عن كافة الوسائل والأدوات والأساليب لمشاركة أهل القدس في الانتخابات بوضع الصناديق في مساجد وكنائس القدس وفي طليعتها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، حتى ولو اقتحمها جنود الاحتلال وكسّروا الصناديق وتمت مصادرتها، ومنع المقدسيين من الوصول إليها، لتكون معركة المسجد الأقصى كما حصل في شهر تموز 2017، ومعركة كنيسة القيامة كما حصل في شباط 2018، حيث انتصر الفلسطينيون في معركتي المسجد والكنيسة آنذاك على نتنياهو وأرغموه على التراجع، فهل يفعلها الفلسطينيون مرة أخرى من أجل انتخاباتهم، ولا يتراجعوا عنها أمام رغبة نتنياهو الهادفة إلى منع إجراء الانتخابات وتأجيلها؟