بقلم: د. أيمن سمير – صحيفة البيان
الشرق اليوم- حالة من الشك وعدم اليقين يعيشها الاتحاد الأوروبي، ليس فقط لتدني معدلات توزيع لقاحات كورونا وارتفاع معدلات الإصابة والوفيات.
لكن بسبب رحيل المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن الحكم عقب الانتخابات البرلمانية التي ستشهدها البلاد في سبتمبر المقبل، وعندها سيختار الشعب الألماني مستشاراً جديداً بين أبرز ثلاثة مرشحين لمنصب المستشارية وهم أرمين لاشيت مرشح الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه ميركل، وماركوس زودر زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري الشريك الأصغر في الاتحادي الديمقراطي، وأنالينا بيربوك زعيمة حزب الخضر الذي يحصل على المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي بـ 20 % قبل الحزب الاجتماعي الديمقراطي.
ورغم إيمان المرشحين الثلاثة بقيمة وأهمية المؤسسات الأوروبية، إلا أن التكتل الأوروبي الذي يضم 500 مليون نسمة يعاني من غياب الثقة بعد فشله في التعامل مع جائحة كورونا، فما هو مستقبل الاتحاد الأوروبي؟ وهل يستطيع أي من المرشحين الثلاثة أن يملأ فراغ ميركل؟
الواضح أن أي مستشار جديد لألمانيا سيواجه مشاكل على ثلاثة مستويات، أبرزها على المستوى الداخلي بزيادة النزعة القومية لدى حزب البديل من أجل ألمانيا، ووقوع أحداث عنصرية كثيرة خلال العام الماضي، كما أن صعود حزب الحضر يشكل تحدياً للصناعة الألمانية.
حيث يمكن أن تؤدي كتلة كبيرة من حزب الخضر في البرلمان إلى تعطيل أي تشريعات قد يفسرها الخضر أنها تضر بالبيئة، ورغم قوة المستشارة ميركل وحليفها الفرنسي إيمانويل ماكرون كانت خطط التعافي الاقتصادية الأوروبية ضعيفة المفعول في العام الماضي، وكانت محل انتقاد من إيطاليا التي هددت بالخروج من الاتحاد على لسان نائب رئيس وزرائها السابق ماثيو سالفيني.
لا رؤية مشتركة
التحدي الثاني على المستوى الأوروبي وعدم وجود رؤية مشتركة للدول الأوروبية حول مشاكل بسيطة مثل «جواز السفر الأخضر»، وهل السفر بين دول الاتحاد وخارجه يلزم صاحبه بالحصول على لقاح كوفيد 19؟.
حتى اليوم لا يوجد اتفاق على فكرة أن يكون للأوروبيين مشروعهم الأمني الخاص بهم مثل «الجيش الأوروبي الموحد»، ناهيك عن الخلافات بين الأوروبيين حول استيعاب المهاجرين الجدد وضرورة العمل باتفاقية دبلن التي تلزم الدولة الأولى التي يصل إليها المهاجر بتحمل بقائه فيها، وكلها قضايا لا يوجد اتفاق حولها سواء بين ما يسمى بدول «البوابات» مثل اليونان وإيطاليا وأسبانيا، أو بين الدول التي يريد المهاجرون الذهاب إليها مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا.
لكن أكثر التحديات التي ستواجه من سيخلف ميركل هو العلاقة مع روسيا والولايات المتحدة، ففي الوقت الذي يرى زعماء مثل ماكرون ولاشيت وسالفيني ومارين لوبن بضرورة بناء علاقة جديدة مع موسكو، ترفض دول «الجناح الشرقي» في الاتحاد الأوروبي، خاصة بولندا ورومانيا ودول بحر البلطيق الثلاث، أي تهاون مع موسكو، وهو ما يؤكد أن الاتحاد الأوروبي في مرحلة ما بعد ميركل لن يكون كما كان قبلها.