افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – تواجه السلطة الليبية الجديدة ثلاثة تحديات أساسية تعيق المهمة التي حدّدتها لنفسها منذ انتخابها قبل ثلاثة أشهر، وهي تحديات قد تتحول إلى أزمة حقيقية أمام خطوات الحل السياسي الذي شق طريقه، إذا لم يتم إنجازها في القريب العاجل، ما قد ينسف كل الآمال المعلقة على هذه السلطة، وعلى كل الجهود التي بذلت لإخراج ليبيا من محنتها.
صحيح أنه تم انتخاب مجلس رئاسي برئاسة محمد يونس المنفي، وتشكيل حكومة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، كما تمّ وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وتكريس الاعتراف العربي والدولي بهذه السلطة، والحصول على تأييد المجتمع الدولي، والبدء بتنفيذ خطة للمصالحة الوطنية، لكن الوصول إلى هدف إجراء انتخابات في 24 ديسمبر/ كانون الأول يقتضي أن تكون هناك دولة واحدة قادرة، وذات سيادة، ومؤسسات سياسية وأمنية وقضائية موحدة، تقود البلاد إلى ذلك الهدف الذي يكرّس الديمقراطية، ويعطي الشعب الليبي حقه في اختيار ممثليه.
كل ذلك، يفرض تجاوز ثلاثة تحديات في أسرع وقت ممكن، لأن الوقت يمضي، وكلما تأخر هذا الإنجاز زادت التعقيدات والصعوبات.
التحدي الأول يتمثل في توحيد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية الأخرى، من أجل بسط سلطة الدولة في مختلف أرجاء ليبيا، كي تكون الوحيدة التي تفرض سلطة القانون على الجميع، وإنهاء تواجد الميليشيات والقوى المسلحة الحزبية والمناطقية التي تمثل حالة من الانقسام الوطني، وتشكل عامل استفزاز وتوتير دائمَين.
أما التحدي الثاني، فيتمثل في إخراج المرتزقة والجيوش الأجنبية من الأراضي الليبية، لأنه لا معنى للسيادة والاستقلال ووحدة الوطن والأرض بوجود قوى غريبة ومسلحة على الأراضي الليبية. خصوصاً أن اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، كانت دعت، أواخر العام الماضي، إلى إمهال القوات الأجنبية والمرتزقة ثلاثة أشهر، لكن هذا الأمر لم يتحقق، رغم الدعوات التي صدرت عن مجلس الأمن بهذا الخصوص، وكذلك عن الأمين العام للأمم المتحدة جوتيريس، وعن معظم الدول العربية، والأوروبية، خاصة وأن هناك نحو 20 ألف مرتزق جيء بهم من شمال سوريا لدعم «حكومة الوفاق» الراحلة، إضافة إلى وجود 10 قواعد عسكرية أجنبية. وقد تردد مؤخراً أنه تم البدء بترحيل المرتزقة، لكن عراقيل مفاجئة حالت دون استكمال ذلك.
ويتمثل التحدي الثالث في المصالحة الوطنية، وهي مهمة أساسية لإعادة المهجّرين، ولمّ الشمل وإطلاق عملية إعادة الإعمار، وإعادة العلاقات الاجتماعية إلى سابق عهدها، لأن المصالحة الوطنية تعني توحيد أبناء الوطن.
ولكي تصل ليبيا إلى يوم 24 ديسمبر/ كانون الأول، لا بد من استكمال تنفيذ كل المسارات في أقرب وقت ممكن، وتجاوز التحديات آنفة الذكر. وهو دور يجب أن تشارك فيه الأمم المتحدة بفاعلية من خلال الضغط على الدول المعنية بالمرتزقة والجيوش الأجنبية، وعدم الاكتفاء بالبيانات، كي تشق العملية السلمية طريقها، وتدخل ليبيا مرحلة السلم.