بقلم: د. فهد محمد بن جمعة – صحيفة “الرياض”
الشرق اليوم – شهدت المملكة تطورات تصاعدية وكبيرة في تنويع ونمو إيراداتها غير النفطية منذ أن تولى الملك سلمان الحكم في 23 يناير 2015، وتم إطلاق برنامج التحول الوطني ورؤية 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو تحول غير مسبوق من الاعتماد على الإيرادات النفطية، التي تتعرض أسعارها إلى تقلبات أسواق النفط العالمية مع أنه مورد ناضب إلى تعزيز الإيرادات غير النفطية الأكثر أمانا واستدامة وارتباطا بنمو الناتج المحلي الإجمالي، فكلما زادت الاستثمارات الخاصة والإنفاق الاستهلاكي ونشطت حركة التصدير والاستيراد كلما زادت الإيرادات غير النفطية وزاد الإنفاق الحكومي والذي بدوره يعزز الأنشطة الاقتصادية والطلب الكلي في الاقتصاد، فقد ساهم برنامج التحول ومبادرات رؤية 2030 في دعم الإيرادات غير النفطية ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي في مسار متصاعد ومترابط مع الإنفاق على البنية التحتية وتوفير الخدمات العامة في إطار التنمية المتوازنة.
فقد أوضحت بيانات المالية العامة الفعلية من 1993 – 2020 أن الإيرادات غير النفطية بلغت 35.5 مليار ريال أو 25% من إجمالي الإيرادات في 1993 وشهدت هذه الإيرادات تقلبات في مسارها ولكنها واصلت ارتفاعاتها ونمت بمعدل 8% إلى 126.8 مليار ريال في 2014.
أما في بداية برنامج التحول الوطني في 2015 نمت الإيرادات غير النفطية 31 % وبنسبة 27% من إجمالي الإيرادات، ما عوض جزءا كبيرا من تراجع الإيرادات النفطية التي انخفضت بـ 51%. ومع انطلاقة رؤية 2030 في 25 أبريل 2016، استمر نمو الإيرادات غير النفطية بمعدل 12 % وبنسبة 35.8 % من إجمالي الإيرادات لتصل إلى 185.75 مليار ريال، وفي 2020 وصلت الإيرادات غير النفطية إلى 368.79 مليار ريال وبمعدل نمو 11% وبنسبة 47.2% من إجمالي الإيرادات وهي نسبة تاريخية، رغم تراجع الإيرادات النفطية بـ 30.5%. وبمقارنة عام 2020 بالعام 1993، نمت الإيرادات غير النفطية بـ 940%، وبنسبة 191% مقارنة بالعام 2014. إنها تطورات تبعث الأمل وتعزز تنويع مصادر الإيرادات غير النفطية بتوازن مع الإيرادات النفطية وزيادة الإنفاق الحكومي على البنية التحتية ومشروعاتها نحو تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة لضمان إيرادات مستدامة، وسوف تزداد هذه الإيرادات مع ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي في 2021 والمتوقع أن يصل إلى 2.9% مع تحسن الاقتصاد العالمي وزيادة الاستثمارات المحلية والأجنبية، مما سيرفع من الإنفاق الكلي وخاصة الإنفاق الاستهلاكي على السلع والخدمات، وبهذا سترتفع عائدات الضرائب وخاصة الضرائب على السلع والخدمات التي وصلت نسبتها إلى 44% أو 163.34 مليار ريال من إجمالي الإيرادات غير النفطية في 2020. هكذا تواصل رؤية 2030 مشوارها وتحقق أهدافها بتنويع الموارد المالية غير النفطية واستدامتها في عالم مملوء بعدم اليقين وارتفاع المخاطر.