بقلم: علي قباجه – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – شكلت الأزمة الأوكرانية بالنسبة لكييف من جهة، وموسكو من جهة أخرى انعطافة خطرة، وتطوراً دراماتيكياً، بعدما خرجت التوترات عن نطاقها المعهود، إلى التهديد المتبادل بالصدام العسكري المباشر.
فكييف بدأت بحشد حلفائها الغربيين لمواجهة ما سمته الاستفزازات الروسية والنية المبيتة لعمل عسكري مرتقب على حدودها الشرقية، بينما كثفت موسكو تحركاتها العسكرية وحشدت آلاف الجنود، في خطوة أثارت الرعب في أوكرانيا التي اكتوت سابقاً من النيران الروسية في القرم.
التأهب بين الطرفين وصل إلى مستويات غير مسبوقة في انتظار أية شرارة قد تشعل جبالاً من الأزمات المتراكمة خلال السنوات المنصرمة، ومما يرفع منسوب القلق حيال انزلاق الصراع إلى القتال الأوسع، العسكرة الروسية على الحدود التي أرجعتها موسكو إلى أنها مجرد مناورات عسكرية وتدريبات لا تهدد أحداً، لكنها تزامنت مع تكثيف المواجهات الأوكرانية مع الانفصاليين المدعومين من موسكو في الأسابيع الأخيرة، في حين عملت دول غربية على شحن عتاد وأسلحة دفاعية إلى أوكرانيا بشكل لافت تحسباً لأي تصعيد مرتقب، الأمر الذي يشكل ضربة قوية لوقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في السابق بين البلدين، كما فاقم التوتر بين روسيا والغرب.
روسيا من جهتها تسعى جاهدة إلى حماية فضائها الاستراتيجي، عبر قطع أذرع الحلف الأطلسي من المنطقة التي كانت ضمن الاتحاد السوفييتي سابقاً، لكن ذلك لم يرق للغرب الذي بنى تحالفات في المنطقة، بل أضحت أسلحته تحيط بالدب الروسي من كل اتجاه عبر الجارة أوكرانيا، الأمر الذي دفع روسيا إلى التوعد باتّخاذ إجراءات للرد على «تهديدات» الحلف، كما اتهمت الولايات المتحدة وغيرها من الدول المنضوية فيه بتحويل أوكرانيا إلى «برميل بارود»، بل إنها ذهبت إلى وضع الحرب في الحسبان، بعدما أكدت أنه إذا حصل أي تصعيد، فستقوم بكل ما يمكن لضمان أمن وسلامة مواطنيها، أينما كانوا، محملة كييف وحلفاءها المسؤولية الكاملة عن أي تفاقم مفترض.
في المقابل، فإن كييف كثفت ضغوطها للانضمام إلى الحلف الأطلسي، في إطار مساعيها لصد أي عمل عدائي روسي جديد، وعلى الرغم أن أوكرانيا تلقى دعم أمين عام الحلف ينس ستولتنبرج، الذي طالب روسيا بوضع حد لحشد قواتها «غير المبرر والمقلق» حول أوكرانيا، ووقف استفزازاتها وخفض التصعيد فوراً، فإن الحلف يماطل في منح كييف العضوية منذ عام 2008، لأن من شأن هذه الخطوة جر المنطقة والعالم إلى مستنقع الاحتراب.
وفي إطار التهديد المتبادل، وتوعد كييف برد أي هجوم روسي، وشد موسكو الحبال ضد من سمتهم «الأعداء»، ونصب أسلحة نووية في القرم حسبما أفادت بذلك تقارير غربية، فإنه لم يتبق إلا الحوار وتغليب الدبلوماسية لوأد هذه المخاطر التي إن خرجت عن السيطرة فإنها ستحرق كل ما يقف أمامها وسيدفع الجميع ثمناً باهظاً.
ويبقى الرهان على المحادثات المرتقبة بين بايدن وبوتين لتبريد الجبهة، قبل أن ينفرط عقد السلم.