الشرق اليوم- الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الأمريكي جو بايدن بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومحصلة المحادثات بينهما تعطي أملاً بأن هناك إدراكاً لمعنى أن تصل العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا إلى حافة الهاوية بسبب العديد من القضايا العالقة بينهما، وخصوصاً الوضع في أوكرانيا، والاتهامات الموجهة إلى موسكو بالتدخل في الانتخابات الأمريكية الأخيرة، إضافة إلى ملفات أخرى لها علاقة بالصراع المحتدم بينهما حول مناطق النفوذ في أوروبا والشرق الأوسط.
كانت كرة الثلج بينهما تكبر وتتدحرج باتجاه مواجهات لا يعرف أحد مداها وحدودها، فيما كانت المواقف الرسمية بينهما تخرج عن المألوف في اللغة الدبلوماسية بين الدول، والحشود على خط النار بين روسيا وأوكرانيا، وفي البحر الأسود تأخذ وضع الاستعداد والتحدي بانتظار من يقدح الشرارة الأولى.
كان يبدو الأفق مسدوداً بين الدولتين اللتين تحدثتا عن “الخيارات المفتوحة على كل الاحتمالات”، إلى أن جاءت مبادرة الرئيس الأمريكي بايدن بالاتصال بالرئيس بوتين، ما خفف من حالة الاحتقان وقلص حدة التوتر، وفتح الآفاق أمام الحوار بحثاً عن حلول وتسويات للمشاكل العالقة، “تحفظ مصالح روسيا والولايات المتحدة ومصالح المجتمع الدولي بأسره”، وفقاً لبيان الكرملين الذي أشار إلى أن بايدن أعرب عن “اهتمامه بتطبيع الوضع على المسار الثنائي، وبناء تعامل مستقر وواضح حول قضايا ملحة، بينها الاستقرار الاستراتيجي، والحد من التسلح، والبرنامج النووي الإيراني، والوضع في أفغانستان والتغير المناخي”.
فيما أشار بيان البيت الأبيض حول المحادثات إلى أن الرئيس بايدن أعرب عن القلق إزاء “الحشد المفاجئ للقوات الروسية في القرم المحتلة وعلى حدود أوكرانيا، ودعا روسيا إلى منع التوتر”، كما تطرق إلى “التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية”، و”هجمات الهاكرز ضد المؤسسات الأمريكية”، لكن الرئيس الأمريكي أعرب من جهة ثانية عن التطلع إلى “بناء علاقات مستقرة وواضحة مع روسيا تنسجم مع مصالح الولايات المتحدة”.
هذا الاختلاف بين بياني الكرملين والبيت الأبيض حول مضمون المحادثات الهاتفية يوضح التباين في وجهات النظر إزاء القضايا الخلافية الثنائية وأهميتها بالنسبة لكل طرف، لكن البيانين يتفقان على ضرورة الحوار وصولاً إلى الأمن والإستقرار، لذلك تم طرح إمكانية عقد قمة بين بايدن وبوتين في دولة ثالثة لمناقشة كافة القضايا. ومن المرجح أن تكون العاصمة الفنلندية هلسنكي هي المكان المفضل لهذه القمة باعتبارها تأخذ مسافة واحدة من الدولتين وخلافاتهما، ثم إن بوتين بادر إلى الاتصال بالرئيس الفنلندي ساولي نينيستو وأطلعه على مضمون مكالمته مع بايدن وعلى خطط لقائهما.
يذكر أن فنلندا استضافت لقاء القمة الذي جمع بوتين والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في يوليو/تموز 2018.
لا شك في أن هذا الاتصال بدد المخاوف، وأعطى أملاً في مرحلة من التعاون الدولي تقوم على الصالح المتبادلة وليس على المواجهة والصراع.
المصدر: صحيفة الخليج