بقلم: عمرو الشوبكي – المصري اليوم
الشرق اليوم – أحسنت القاهرة استقبال الرئيس التونسي، قيس سعيد، الذي يمثل حالة فريدة ومميزة بين القادة العرب، وأضافت تحركات الرجل الشعبية في قاهرة المعز، من زيارة ضريح جمال عبدالناصر والجندي المجهول، إلى سيره على الأقدام في خان الخليلي وسط الناس العادية (كما يعتاد أن يفعل في تونس الخضراء) على مضمون الزيارة كثيرًا من الحيوية والبعد الإنساني.
وقد أعلن الرئيس قيس سعيد، أثناء المؤتمر الذي عقده مع الرئيس عبدالفتاح السيسي، في قصر الاتحادية، دعمه الكامل لموقف مصر وحقوقها المائية، ومؤكدًا على ما ذكره السيسي من أن الأمن المائي لمصر جزء من الأمن القومي العربي.
والمفارقة أن البعض روج لدعاية كاذبة عن توجهات الرجل (أنه إخواني وغيرها) رغم أنه رجل غير حزبي وأقرب للتيار القومي العربي، ويحمل تقديرًا كبيرًا للزعيم جمال عبدالناصر مثل معظم أبناء جيله.
وتبقى مشكلة النظام السياسي التونسي في أنه أقرب للنظام للبرلماني، وأن الرئيس الذي انتُخب في انتخابات حرة ديمقراطية بنسبة 76% غير قادر على أن يمنع تعيين 4 وزراء رفضهم في الحكومة الأخيرة كما تنص دساتير كل النظم الرئاسية، فالرئيس يختار والبرلمان يؤيد أو يرفض تعييناته. صحيح أن في النظم شبه الرئاسية مثل فرنسا يكون رئيس الحكومة معبرًا عن حزب أو أحزاب الأغلبية، إلا أن الرئيس يكون له حق الفيتو على أداء الحكومة فى حال اختلافها معه.
وعطلت بعض نصوص الدستور التونسي النظام القائم ومصالح العباد (تتمسك بها حركة النهضة) بأن أصبحت هناك ثلاث سلطات متنازعة، أي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان، وليس ثلاث سلطات منفصلة التشريعية والقضائية والتنفيذية.
إن أي قارئ للفصول من 77 إلى 82 ومن 87 إلى 89 من الدستور التونسي سيكتشف أن صلاحيات الرئيس المنتخب من الشعب مقيدة ومحدودة إلا في مجال السياسة الخارجية.
وحتى في مجال السياسة الخارجية حاول رئيس البرلمان راشد الغنوشي، التغول عليها، وسعى لجر تونس إلى المحور التركي، وزار عددا من البلدان دون الرجوع له.
ومن هنا تأتي أهمية زيارة الرئيس التونسي لمصر وقبلها ليبيا وكافة تحركاته الخارجية، فهي ليست زيارات يقوم بها رئيس جمهورية في بلد حُددت فيه صلاحيات الرئيس بشكل نهائي، إنما هو يخوض معركة داخلية يسعى فيها لتعديل أوضاع كثيرة ومنها انتزاع صلاحياته التي أعطاها له الدستور التونسي في السياسة الخارجية.
زيارة الرئيس التونسي لمصر مهمة للجميع تعزز موقفه في جانب، وتفتح عليه انتقادات في جانب آخر (حركة النهضة وحلفاؤها)، ولكن الرجل أقدم عليها بشجاعة، وكون تونس عضوًا غير دائم في مجلس الأمن فهو أيضًا أمر مفيد لمصر في معركتها الوجودية حول المياه، كما أن دعم الشراكة على الأقل في الاقتصاد مفيد لكلا البلدين. شكرا قيس سعيد نورت مصر.