الرئيسية / مقالات رأي / دمج الشركات الخاسرة.. متى يكون مفيدا؟

دمج الشركات الخاسرة.. متى يكون مفيدا؟

بقلم: محمود عسكر – اليوم السابع


الشرق اليوم – خلال السنوات الأخيرة بدأت بعض القطاعات الاقتصادية الرسمية مثل وزارة قطاع الأعمال العام استراتيجية جديدة لتطوير وهيكلة الشركات التابعة لها، حيث بدأت دمج الشركات المتشابهة والتي تعمل في قطاع واحد، بهدف خلق كيان قوي منها يستطيع المنافسة في السوق، كما تتمكن الشركات من استغلال الأصول الراكدة لدى الشركات الأخرى وتحقيق نمو شامل.
ورغم براءة الفكرة، إلا أنها يجب دراستها بشكل جيد، حتى لا تتسبب في كارثة أخرى جديدة، عندما تؤثر الشركات المندمجة الخاسرة على الشركات الرابحة سلبا، أو تقوم بتصدير مشاكلها الداخلية سواء المشاكل الهيكلية أو المالية أو العمالية إلى الشركات الأخرى التي كانت مستقرة نسبيا قبل الدمج.
كما أن عملية الدمج بين الشركات عموما في العالم كله، تتم وفق إجراءات وأصول ثابتة اقتصاديا، مثل أن تكون الشركات المندمجة متشابهة في الأداء والقطاع الذي تعمل فيه، أو مكملة لبعضها البعض، أو أنها تنتج نفس السلعة، ويكون لها حصة معقولة في السوق الذي تعمل فيه، كما تكون هذه الشركات شركات رابحة وليست خاسرة، ولديها استقرار مالي ولديها عمال مدربين ومستقرين ماليا، وفي هذه الحالة فقط يمكن أن تنجح عمليات الدمج وتحقق أهدافها التي تسعى إليها الحكومة.
أما إذا أخذنا الفكرة وطبقناها دون اعتبار لهذه المعايير التي عرضنا جزء منها سابقا، فإن النتيجة تكون غالبا كارثية على الشركات المندمجة جميعا سواء الرابح أو الخاسر منها، وهذا هو ما نخشاها، وبدلا من أن نعالج الشركات المريضة نصيب الشركات السليمة بأمراض أكثر خطورة، ما يؤدي إلى انهيارها في النهاية.
ولذلك يجب أن تخضع هذه الفكرة لدراسة مستفيضة لظروف كل شركة على حدة، وإمكانياتها الحقيقية ومشاكلها، وقدراتها، وحصر أصولها المستغلة وغير المستغلة، وإصلاح مشاكلها بقدر المستطاع، ثم تهيئتها إداريا وعماليا لعملية الدمج إذا كانت هذه العملية ممكنة، ثم بعد ذلك نبدأ في إجراءات دمج الشركات التي يمكن أن تستفيد من عملية الدمج فقط، أو أن تضيف شيئا للشركات المندمجة معها، بحيث يتحقق الهدف الأساسي وهو تطوير الشركات وخلق كيان قوي جديد يستطيع المنافسة واستغلال أصول الشركات غير المستغلة ودعم السوق وموارد الدولة.
كما لا يجب تنفيذ الفكرة بشكل جماعي، أي أن كل الشركات المتشابهة يتم دمجها عشوائيا، لمجرد الدمج، بل يجب مراعاة المعايير السابقة بجدية، كما يجب إعادة توزيع العاملين بالشركات تبعا لنتيجة الدمج، وتشكيل مجلس إدارة جديد للكيان الجديد، وبالتأكيد عمل برامج تدريب مكثفة للعاملين في الشركات المندمجة، حتى نستطيع إعادة توزيع العمال على أماكن جديدة ومهام جديدة في الكيان الجديد.
وفي النهاية .. وكما قلنا أن الفكرة بريئة وهادفة ومحاولة للحل، لذلك لا يجب أن نسمح لها بمزيد من الفشل في هذا القطاع المهم، والمشهور عنه الخسائر عبر السنوات الماضية، ويجب أن تخضع عمليات الدمج لرقابة قوية من الحكومة حتى لا تصبح هذه العملية بابا خلفيا لإخفاء فساد سابق أو خلق فساد جديد تحت غطاء إعادة الهيكلة والدمج، ونتمنى أن تنجح هذه الفكرة في انتشال هذه الشركات من خسائرها وأن تكون عمليات الدمج وسيلة للإصلاح وليست هدفا فقط.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …