بقلم: علي ابوحبله – صحيفة الدستور
الشرق اليوم- تَعقد اللجنة المشتركة للاتفاق النووي، في فيينا، اجتماعاً يحظى باهتمام كبير، نظراً إلى الحضور المتزامن لمُمثّلي إيران والولايات المتحدة فيه. وكان قد اتُّخذ القرار بعقد هذا الاجتماع يوم الجمعة الماضي، خلال اللقاء للجنة المشتركة، والذي تمّ بصورة افتراضية، بمشاركة إيران والدول الخمس الباقية في الاتفاق (بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا). وعلى الرغم من أن أميركا لا تشارك في المحادثات الرسمية للجنة المشتركة، لكونها انسحبت من « خطّة العمل المشتركة الشاملة» ، إلّا أنها، وعبر إرسال وفد يُمثّلها إلى فيينا، تسعى إلى إجراء مشاورات على هامش الاجتماع، بهدف التوصُّل إلى تفاهُم مع إيران لإعادة إحياء الخطّة.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس صرح للصحفيين «لا نقلل من حجم التحديات التي تنتظرنا. هذه هي الأيام الأولى. نحن لا نتوقع انفراجة مبكرة أو فورية، حيث نتوقع تماما أن تكون هذه المناقشات صعبة ، هذا ومن المتوقع أن يبدأ مسئولون أمريكيون وإيرانيون محادثات غير مباشرة في فيينا، مع توقعات بمشاركة مسئولين أوروبيين كوسطاء، وذلك في محاولة لإحياء اتفاق 2015 الذي خفف العقوبات الاقتصادية عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي بما يجعل من الصعب عليها تطوير سلاح نووي. وتنفي طهران السعي ذلك .
ويُعقد اجتماع فيينا وقد اشترطت أميركا، على مدى الشهرين الأخيرين، عودتها إلى الاتفاق النووي ورفْع العقوبات عن إيران، بعودة ايران إلى التزاماتها، بما في ذلك إلغاء تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة. وفي المقابل، اشترطت طهران رفْع العقوبات الأميركية مقابل العودة إلى التزاماتها، الأمر الذي خلق تعقيدات أمام إعادة إحياء الاتفاق. ويبدو أن هدف أميركا وأوروبا من اجتماع فيينا يتمثّل في صياغة آلية لعودة الطرفين، خطوةً فخطوة، وبشكل متزامن، إلى التزاماتهما. وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن المواضيع الأوّلية التي ستجري مناقشتها هي الخطوات النووية التي يجب أن تتّخذها إيران، وخطوات خفْض العقوبات التي يجب أن تتّخذها أميركا.
يبدو أن التعقيدات وألهوه بين أمريكا وإيران لدرجة قد يصعب الاتفاق فيما بينهما في هذه المرحلة ، حيث أكد رئيس مؤسّسة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، بعد ساعات من اجتماع اللجنة المشتركة للاتفاق النووي يوم الجمعة، أن المحادثات النووية قد « تجاوَزت الطريق المسدود» ، كما تخطّى الطرفان موضوع « مَن يتعيّن أن يتّخذ الخطوة الأولى» ، مضيفاً أن المحادثات المتعلّقة بإحياء الاتفاق قد دخلت « المراحل الفنيّة» . ولمح إلى مشروع عودة إيران وأميركا، خطوةً فخطوة، إلى الخطّة، حيث قال إن « عودة إيران إلى التزاماتها النووية يستغرق بعض الوقت، وهي بحاجة إلى شهرين أو ثلاثة أشهر على الأقلّ» ، موضحاً أن « إيران قادرة على وقْف بعض الإجراءات، وألّا تقوم بتركيب أجهزة طرد مركزي إضافية، وأن تقوم على الفور بوقف التخصيب بنسبة 20 في المئة، وفي المقابل تقوم الولايات المتحدة باتّخاذ إجراءات، بما فيها وقف تنفيذ العقوبات» .
لكن، بعد فترة وجيزة من تلك التصريحات، أعلن المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، أنه « ليس هناك أيّ مشروع خطوة فخطوة» ، مكرّراً أن « شرط وقْف إيران لإجراءاتها التعويضية، يتمثّل في الرفع الكامل للعقوبات والتأكُّد والتحقُّق من ذلك» . وكان مستشار رئيس الجمهورية، حسام الدين آشنا، قد تحدّث إلى وسائل الإعلام عن العودة « خطوة فخطوة» إلى الاتفاق، إلّا أن المتحدّث باسم وزارة الخارجية ردّ على ذلك بالقول إن هذه التصريحات « تعكس وجهة نظره الشخصية» إن « بعض الأطراف في حكومة روحاني يدافع عن مشروع عودة إيران وأميركا خطوة فخطوة إلى الاتفاق النووي، ويسعى إلى وضْع رؤيته موضع التنفيذ» . بيد أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله علي خامنئي، يعارض هذا التوجُّه، وكان قد أعلن أكثر من مرّة أنه يجب على أميركا أن تقوم أوّلاً برفع العقوبات، لكي تعود إيران إلى التزاماتها. يبدو أن الهوّة بين توقُّعات إيران وأميركا واسعة إلى درجة يُستبعد أن يتمّ تخطيها خلال الأشهر المقبلة و من المستبعد أن يحصل تطوّر ملموس وفعلي في غضون الأسابيع القليلة القادمة.