بقلم: سابين عويس – النهار العربي
الشرق اليوم- يصل الى بيروت اليوم وزير الخارجية المصري سامح شكري، حاملاً رسالة من الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل الدفع نحو تشكيل حكومة جديدة تصون الاستقرار وتعمل على وضع لبنان على سكة التعافي.
تحمل الزيارة الكثير من المدلولات لجهة توقيتها ومضمون الرسالة التي يحملها شكري باسم قيادة بلاده، والتي كان لها دور في دعم المبادرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غداة انفجار مرفأ بيروت، وترمي الى تشكيل حكومة مهمة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة لاستعادة البلاد مسار التعافي.
فالزيارة تأتي في خضم حراك عربي وخارجي ضاغط من أجل تسهيل ولادة الحكومة. هي تسبق زيارة مقررة للأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكي الذي كان له موقف لافت قبل بضعة أسابيع عندما أعلن استعداد الجامعة “للقيام بأي شيء يطلب منها لرأب الصدع الحالي، وصولاً الى معادلة متوافق عليها تمكن الرئيس المكلف من تشكيل حكومته من دون تعطيل وفق المبادرة الفرنسية…”. لا يحمل زكي مبادرة محددة المعالم، بل استعداداً للتدخل، لكن تحت سقف المبادرة الفرنسية التي لا تزال تلقى دعماً عربياً وتشكل المبادرة الوحيدة المطروحة على طاولة البحث.
أما زيارة شكري فتحمل أبعاداً وخلفيات أكبر يعكسها التوقيت والمضمون. فهي تأتي استباقاً للزيارة المرتقبة لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لباريس.
فالمصريون كانوا من أكثر العرب تأييداً لمبادرة ماكرون، وأبدوا التعاون والتنسيق مع الفرنسيين من أجل إنجاح المبادرة وترجمتها من خلال قيام حكومة جديدة، ولكن ليس على حساب الدستور اللبناني، أو على حساب إعادة إنتاج تسوية سياسية جديدة مماثلة للتسوية التي أفضت الى وصول العماد ميشال عون الى سدة الرئاسة، أو على حساب المسّ بالصلاحيات العائدة للموقع السني الأول في البلاد، أي رئاسة الحكومة. ويأتي هذا الموقف بعدما استشعرت القاهرة أن باريس أضحت أسيرة مبادرتها وباتت مستعدة لتقديم أي تنازلات من أجل عدم سقوطها، حتى ولو كان على حساب المعايير التي وضعتها وأسقطها العهد بتمسكه بثلث معطل في الحكومة.
ويظهر من جدول لقاءات رئيس الدبلوماسية المصرية في بيروت، الانزعاج الواضح من مواقف باسيل، إذ ستكون لشكري لقاءات مع الرؤساء عون وبري والحريري، فضلاً عن لقاءات مع زعماء الأحزاب (القوات اللبنانية سمير جعجع، الكتائب سامي الجميل، تيار المردة سليمان فرنجية، الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط)، بالإضافة الى لقاء مع البطريرك الماروني بشارة الراعي، فيما يستثني باسيل من لقاءاته.
أما أسباب الانزعاج فتعود الى أن الانطباع السائد لدى المصريين فهو أن باسيل يقف وراء تعطيل الجهود الفرنسية المصرية المشتركة لتشكيل الحكومة، في ظل القلق من أن يؤدي الاستمرار في حالة الانهيار التي بلغتها البلاد الى تحقيق مصالح الفريق المعارض، بحيث يخدم الانهيار “حزب الله” ويزيد من عزلة لبنان في محيطه.
الزيارة إذاً ستكون رسالة دعم للرئيس المكلف ولجهوده لتشكيل الحكومة، وهذا سيكون واضحاً من خلال اختيار شكري عقد مؤتمره الصحافي في بيت الوسط للإعلان عن نتائج زيارته. ويُفهم من المناخ العام المرافق للزيارة أن الحريري لن يكون في وارد التوجه الى باريس للجلوس مع باسيل الى طاولة واحدة، كما يقترح الفرنسيون، على قاعدة أن التشكيل يتم في لبنان وبين الجهتين الصالحتين دستورياً لذلك، أي رئيس الحكومة المكلف ورئيس الجمهورية وليس مع رئيس حزب سياسي ناطق باسم الرئاسة. والتحدي أمام الحريري الذي يتجه الى الفاتيكان خلال يومين ألا يعرّج في طريقه على باريس، ليقدم التنازل الذي ينتظره العهد من بوابة الإليزيه!