الرئيسية / مقالات رأي / الشراكة العالمية

الشراكة العالمية

الشرق اليوم- لا تستطيع أية دولة مهما بلغت من القوة بمختلف مكوناتها، أن تحل مشاكل العالم لوحدها، كما لا تستطيع التفرد بقمة النظام العالمي من دون آخرين يمتلكون القوة والقدرة على المساهمة في إدارة شؤون العالم، والتعاطي مع الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية والصحية التي نواجهها الآن.

نحن نعيش في عالم متشابك المصالح والصراعات، ولا حل لهذه الصراعات إلا من خلال الشراكة بمفهومها الواسع سعياً وراء قيام عالم قائم على التعاون، بما يحقق مصالح الجميع، دولاً وأفراداً، ويبعد شبح الصراعات والحروب والأزمات الاقتصادية، ويجعل من العالم واحة للسلام والأمن.

قد يكون ذلك حلماً طوباوياً، لكن لا بد من الوصول إليه من خلال جهد عالمي مشترك، وقناعة بالتخلي عن الأنانية المطلقة في السياسة، والتعويل على القانون الدولي ومبادئ العدالة والمساواة كأساس للعلاقات الدولية، طالما أن العالم وافق على أن يكون ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية الحقوقية والاجتماعية التي أبرمت من خلال المؤسسات الدولية هي الميزان الذي يحدد المواقف والالتزام بها.

صحيح أن مفهوم الشراكة هو مفهوم حديث نسبياً، وكانت بداياته في ثمانينات القرن الماضي، وتناول فقط القضايا الاقتصادية والتجارية بين الدول والأفراد، لكن التطورات فرضت توسيع مفهوم الشراكة ليشمل مختلف القضايا المتعلقة بحياة البشر من منظور التعاون بين الدول، وأساسه التخلي عن الأنانية، بمفهوم المصلحة الذاتية، والقبول بالآخر والتعاون معه طالما أن ذلك يحقق مصلحة مشتركة للطرفين.

نعيش الآن عصراً يعج بالأزمات السياسية والأمنية والجوائح الصحية، والتهديدات والتحديات وتبادل العقوبات والحروب الأهلية وغيرها، وبات العالم مهدداً بمواجهات عسكرية بين دول كبرى وصغرى، إما مباشرة وإما بالواسطة، بسبب طموحات وأطماع لها علاقة بالنفوذ والسيطرة، سعياً إلى التحكم في مقدرات وثروات نفطية وطبيعية، أو ممرات مائية، أو خطوط مواصلات عابرة للقارات، ما يجعل من الشراكة الدولية لحل كل هذه الأزمات واجباً لا بديل عنه.

إن الشراكة لحل ما يواجهه العالم تمثل أملاً واعداً يُنهي المنافسة بين الكبار للتربع على عرش الهيمنة، ويرسم حدوداً جديدة لعلاقات عالمية قائمة على المساواة والعدالة، ويردم الخنادق القائمة التي تهدد البشرية، ويوفر الأمن المفقود والسلام المنشود.

لا بد للعالم من أن يخرج من حالة الخوف والقلق على المصير، ويلج عصر الشراكة بمفهومها الأخلاقي الذي يقبل بالآخر، ويتعاون معه، من منطلق المصالح المشتركة التي توفر الأمل بعالم جديد يكفل حق الاختلاف، ويحترم الحريات وحقوق الإنسان وسيادة الدول، وحق الشعوب في أن تكون سيدة نفسها من دون زجر أو إكراه، ووضع حد للاختلالات، وكل أشكال التمييز والعنصرية، وفرض السياسات بالقوة.

المصدر: صحيفة الخليج

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …