بقلم: فارس الحباشنة – صحيفة الدستور
الشرق اليوم- كم هي خطوة سياسية قوية استدارة الأردن نحو مصر والعراق؟ بوابات ونوافذ استراتيجية، ووسط ما يجري في الاقليم من ولادة لمحاور وتحالفات جديدة، ودول اقليمية تحولت من مربع الحياد مع اسرائيل الى التطبيع والعلاقات المفتوحة والمباشرة ، وسياسة التضييق على الأردن اقتصاديا ومحاولات عزله.
الاستدارة نحو القاهرة وبغداد من أفضل الخيارات السياسية. فالاردن تربطه علاقات مع البلدين العربيين ولها جذور تاريخية، وشهدت في محطات ازدهارا كبيرا . لربما هي حتمية الجغرافيا السياسية، فالثالوث الأردني -المصري- العراقي يشكل عمقا استراتيجيا وسياسيا وعسكريا دفاعيا واقتصاديا للبلدان الثلاثة.
ولو ان استدارة المحور الثلاثي العربي «الاردني والمصري والعراقي» الجديد تتوسع وتكتمل في تشكيل قوس عربي رباعي الاضلاع، ويضم دمشق. نعم، استعادة سورية الى الحضن العربي، وهي الاقرب الى البلدان العربية الثلاثة.
هذا الحلف الثلاثي العربي قديم في التاريخ، والرباعي ايضا. بلاد الشام ومصر والعراق. حملة ابراهيم بن محمد علي باشا على الشام في القرن الثامن عشر كان هدفها الاستراتيجي حماية ديار الشام وفلسطين والأردن من الاحتلال الانجليزي والفرنسي والايطالي. ورمت الحملة لما هو ابعد استراتيجيا في ترميم استراتيجي استباقي لبداية انهيار وضعف الدولة العثمانية.
من مقادير السياسة العربية ومهما تحولت وتبدلت الظروف والمعطيات والأجواء العامة فانها التاريخ يقبض في حكمه على الراهن. ومن يحاول ان يعتدي ويتجاوز على سلطة واقدار التاريخ يخسر كل معاركه، وتفرط السبحة من بين يديه، ويضيع الفرصة التاريخية .
« عمان، القاهرة، بغداد ودمشق «، حواضن المشرق العربي ومصر وروابطه. وعلى خرائط الجغرافيا العربية قبل الدعوة المحمدية وبعدها،هي بوابات العالم الى بلاد العرب والعكس.
وفي التاريخ القريب، فأكثر ما يربط الاردن مع دمشق وبغداد والقاهرة. فلا قريب للاردن غيرهم. ومهما تحولت وتبدلت وانقلبت الظروف وانحرفت الامور عن مسارها الصواب والقويم تاريخيا واستراتيجيا.
تذكروا قبل أعوام، فالاردنيون لمجرد ما فتحت حدود جابر البرية بين البلدين تدفقوا كالنمل الى دمشق، سياحة واستجماما في بلد دمرتها الحرب، ولشراء حاجات من الصناعة السورية المتميزة، ملابس واقمشة ولحوم ومواد غذائية ارخص بما لا يقاس منها في اسواق عمان. وذلك رغم كل ما اصاب سورية من حرب وتدمير ومذابح وتخريب لعمرانها واهلها.
اليوم، وبعيدا عن طارئ كورونا.. تخيلوا لو ان العواصم العربية الأربعة تفتحت حدودها. فلا غنى للأردن عن العراق وسورية والعكس. مقولة استراتجية قديمة من القرن الماضي قالها ساسة أردنيون وعراقيون وسوريون.
محور الثالوث والمربع العربي فاتحة لمشاريع كبرى في الطاقة والنقل. وأكثر ما تحتاجه البلدان جميعها. وازدهار العلاقات اقتصاديا وأمنيا، ولا بد حتما أن يوازيه في ذلك السياق علاقات سياسية وتفاهمات.
الاردن بحاجة الى فك عزلته الإقليمية وتفكيك الضائقة الاقتصادية والمالية. والعراق الناهض لاستعادة روحه الوطنية والقومية، ومجاله الحيوي العربي وفك عزلة العراق الطائفية والمذهبية، بكل ما يملك من إمكانات وموارد وثروات وعبقرية الإنسان والجغرافيا. وكذلك سورية الواثبة للتعافي من السنوات العشر لحرب عدمية وعبثية. ومصر في تحديها الحضاري و الوجودي بازمة سد النهضة.
الطريق بين العواصم العربية الاربعة سالكة، وليست مستحيلة. والمهم توفر الارادة السياسية. وازمات وظروف الاقليم تستحق اعادة تقييم ومراجعة المواقف المختلفة للدول الاربعة. فمن هو مع الأردن وضده مثلا. وان تتسق الادوار الاردنية مع الرهانات عليه.