بقلم: ليلى بن هدنة – صحيفة “البيان”
الشرق اليوم – شكل المصريون ملحمة بطولية بعد نجاحهم المبهر في تحريك العبارة العملاقة التي جنحت في مجرى قناة السويس، وإعلان عودة الملاحة في القناة إلى طبيعتها، رغم التعقيد الفني الهائل الذي أحاط بهذه العملية من كل الجوانب، ورغم التوقعات العالمية باستمرار الأزمة لأسابيع وربما لشهور، فالقناة بالنسبة للمصريين لم تكن فقط مصدراً للعملة الأجنبية المهمة للاقتصاد، ولكنها رمز السيادة التي ضحى لأجلها الآلاف بأرواحهم.
الحادث أثبت مجددًا للعالم مدى أهمية الممرات البحرية بالنسبة للاقتصاد العالمي، وقدرة الإنسـان المصري علـى إنجـاز أعظم الأعمال فـي وقت قياسي أذهل جميع دول العالم. مصر غنية بأبنائها، فالتاریخ یسطر بحروف من نور إعجاز تعویم السفینة الجانحة في هذا الممر الملاحي الأهم على مستوى العالم، الذي يعتبر شريان حياة بالنسبة للتجارة العالمية، حيث إن قناة السويس ليست مجرد مشروع قومي، بل تمثل أمن وسلامة وحلم أمة.
شعب مصر أثبت قدرته على تجاوز المحن والأزمات، فهو شعب تمتد حضارته لآلاف السنين، وأعطى درساً عملياً لكيفية إدارة الأزمة بالقدرات البشرية، وإعطاء ثقة كبيرة للعالم بجهود مصر في تسريع حركة تشغيل السفن والحفاظ على كفاءة القناة وجدارتها، وأنها تكون منافساً حقيقياً. وأن الحديث الدائر عن بدائل لقناة السويس، لا يعدو أن يكون إلا مقامرة من المتربصين بالبلاد، حيث إن البدائل تكلف الاقتصادات العالمية المليارات.
قناة السويس من الرموز السيادية التي لها تاريخ كبير مع المصريين، هي الحلقة الأساسية في الحفاظ على أمن الدولة وقوتها، حيث تتمتع بسجل أمان ممتاز بشكل عام مع حوادث الشحن النادرة، وتحرص الدولة المصرية على التطوير المستمر للقناة لتقليل كلفة نقل البضائع من الشرق إلى الغرب، وتعزيز مكانتها الرائدة عالمياً.