افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – بعد 15 عاماً على آخر انتخابات فلسطينية، وما تلتها من تداعيات سلبية أدت إلى انقسام شطري الوطن والشعب إثر الخلاف بين حركتي “فتح” و “حماس”، يعود الشعب الفلسطيني إلى ممارسة حقه في اختيار ممثليه في المجلس التشريعي في 22 مايو (أيار) المقبل، على أن تلي ذلك انتخابات رئاسية في 31 يوليو (تموز)، ثم انتخابات لتشكيل المجلس الوطني لمنظمة التحرير في 31 أغسطس (آب)، على أن تكون هذه الانتخابات خطوة على طريق المصالحة الوطنية، وبداية لعمل فلسطيني مشترك على طريق شق مسار استراتيجي جديد في كفاح الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه التاريخية، وتحديداً حقه في تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومخرجات مبادرة السلام العربية.
هنا لا بد من التنويه بالدور الذي لعبته مصر في إنهاء الانقسام الفلسطيني من خلال استضافتها الاجتماعات التشاورية، ورعاية الحوار بين مختلف الفصائل، والاتفاق على الذهاب نحو الانتخابات، وتوحيد الصف الفلسطيني وأهمية تشكيل سلطة موحدة تستطيع قيادة الشعب في هذه المرحلة التي تواجه فيها المنطقة، وفي قلبها القضية الفلسطينية، مرحلة ضبابية قد تلقي بسلبياتها على مجمل الأوضاع في المنطقة، ما لم يتم تدارك الأمر، وهو ما يفرض موقفاً فلسطينياً موحداً قادراً على المواجهة، والاحتفاظ بزخم القضية وأهميتها.
من المنتظر استكمال تقديم القوائم خلال ساعات، ومن اللافت أن الفصائل قدمت لوائح منفردة، بعد حديث عن قوائم مشتركة بين “فتح” و “حماس”، لكن يبدو أن أسباباً عدة حالت دون ذلك، أهمها ما تردد عن رفض إسرائيلي أمريكي لمثل هذه الخطوة، كما أن الفصائل الأخرى قدمت لوائح مماثلة. لكن من الواضح أن الصراع سوف يحتدم بين القائمتين الأساسيتين لـ “فتح” و “حماس”، خصوصاً إذا لم يتقدم الأسير الفتحاوي مروان البرغوثي، بقائمة قيل إنه ينوي تشكيلها من خارج أطر فتح الموالية للرئيس محمود عباس.
الناظر إلى البيئة التي تسبق هذه الانتخابات، وما تم حتى الآن من إجراءات وتشكيل قوائم، إضافة إلى المواقف السياسية، يمكن أن يلحظ استبعاد بعض قيادات فتح من الترشح نظراً لخلافات مع القيادة الفلسطينية، ثم الموقف الأمريكي الإسرائيلي الواضح بالتعامل مع نتيجة الانتخابات وتشكيل الحكومة من منطلق مدى ما تقوّي تيار «الاعتدال» وتضعف تيار «التشدد»، إضافة إلى عدم قبول إسرائيل حتى الآن بأن تشمل الانتخابات أهالي مدينة القدس، ثم شروط اللجنة الرباعية التي تؤكد أن أية حكومة فلسطينية مقبلة يجب أن تحظى برضا إسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوروبي.
بمعنى آخر، لن تمر تداعيات الانتخابات الفلسطينية، وتشكيل الحكومة على أساسها بسهولة ويسر، إذا خرج الموقف الفلسطيني عما تريده إسرائيل والولايات المتحدة، أي أن يتم استبعاد كل ما له علاقة بوضع استراتيجية للنضال الفلسطيني، تقوم على تكامل العمل السياسي والنضالي بما يعزز مسار الكفاح الفلسطيني. المهم ليس الانتخابات فقط.. الأهم هو ما بعدها.