بقلم: بول كروجمان – صحيفة “الاتحاد”
الشرق اليوم – صباح جديد في أميركا! الناس يتلقون التطعيمات المضادة لكوفيد-19 بمعدل مليونين ويزيد في اليوم، ما يؤشر إلى أننا قد نتجاوز الوباء إلى حد كبير في غضون بضعة أشهر.
وعلى الصعيد الاقتصادي، مرّر مجلسُ الشيوخ مشروع قانون الإغاثة الذي يفترض أن يساعد الأميركيين على اجتياز الأشهر الصعبة المتبقية، ما سيجعلهم مستعدين للعمل والإنفاق من جديد، وقد بات من شبه المؤكد أن يصبح مشروع القانون قانوناً في غضون بضعة أيام.
لاحظ الاقتصاديون الأخبار السارة. وتوقع متنبئون استطلعت خدمة بلومبيرج الإخبارية آراءهم نمواً بـ5.5 % هذا العام، وهو أعلى معدل منذ التسعينيات. ولكنني أعتقد أنهم كانوا متحفظين قليلاً، وكذلك تعتقد مؤسسة «غولدمان ساكس»، التي تتوقع نمواً بمعدل 7.7 %، وهو شيء لم نره منذ 1984.
ولكن، ماذا بعد ذلك؟ الواقع أنني متفائل جداً بشأن الآفاق المستقبلية في العام أو العامين المقبلين؛ غير أنه بعد ذلك التاريخ سنحتاج إلى مبادرة سياسية كبيرة أخرى من أجل استمرار الأوقات المزدهرة.
فعندما نتجاوز الإنفاقَ الكبير ويصبح خلفنا، هناك احتمال كبير لأن نجد أنفسنا قد عدنا إلى حالة «الركود الطويل»، وهو مفهوم قديم أحياه لاري سامرز مؤخراً. أعلم أنه مصطلح تقني غير معروف؛ ولكن ما يعنيه هو الحالة التي يجد فيها الاقتصاد صعوبة مستمرة في الإبقاء على تشغيل كامل، حتى في ظل معدلات فائدة منخفضة جداً. والواقع أن الاقتصاد الذي يعاني من «الركود الطويل» يعرف مع ذلك بعض الفترات الجيدة من حين لآخر، غير أن صناع السياسات سيجدون أنه من الصعب «تعويض» الأخبار السيئة، مثل انفجار الفقاعة المالية.
وهذا وضع سيئ. ثم هناك اتفاق متزايد بين الاقتصاديين على أن الاقتصاد الأميركي أمضى معظم العقد الذي تلا أزمة 2008 المالية في إنتاج كميات أقل من السلع والخدمات، وتوظيف عدد أقل من الأشخاص، مما يفترض. وقد نكون اقتربنا أخيراً من تشغيل كامل عشية الوباء، غير أن حتى ذلك يظل غير واضح.
وفضلاً عن ذلك، فإن الأسواق المالية تؤشر إلى أنها تتوقع عودة إلى ضعف الأداء الاقتصادي حينما نتجاوز طفرة بايدن وتصبح خلفنا. وقد باتت معدلات الفائدة مقياساً للتفاؤل الاقتصادي هذه الأيام – هذه المعدلات ارتفعت في الحقيقة مع اقتراب خطة الإنقاذ من خط النهاية – غير أن الارتفاع كان متواضعاً، مقارنة مع الارتفاع في عوائد سندات الخزانة الأميركية في 2013، وصغيراً مقارنة مع بعض الارتفاعات في معدل الفائدة في التسعينيات.
ما تخبرنا به الأسواق هو أنها تتوقع بعد الطفرة عودةً إلى الركود الاقتصادي– وهو ما سيمثّل وضعاً سيئاً من جديد. فكيف يمكن تجنبه؟
الجواب بدهي: برنامج كبير للاستثمار العام يموَّل عن طريق الاقتراض إلى حد كبير، مع إمكانية فرض ضرائب جديدة أيضاً إذا كان كبيراً حقاً. هذا البرنامج سيؤدي دوراً مزدوجاً. إذ بغض النظر عن الجوانب المتعلقة بالاقتصاد الكلي، نحتاج لإنفاق الكثير من أجل إعادة بناء بنيتنا التحتية القديمة والمتهالكة، ومحاربة تغير المناخ، وغيرهما. كما إن الاستثمار العام يمكن أيضاً أن يكون مصدراً رئيساً للوظائف والنمو، ما سيساعد على إخراجنا من فخ الركود.
الخبر الجيد هو أن اقتصاديي إدارة بايدن يفهمون كل هذا جيداً، وهم بصدد تحضير خطة طموح جداً بخصوص البنية التحتية، حسبما يروج. والخبر السيئ هو أن سن هذه الخطة سيكون صعباً جداً من الناحية السياسية – ربما أكثر صعوبة من الإقناع بالموافقة على إنقاذ اقتصادي قصير الأمد.
والواقع أنه في ديمقراطية تشتغل بشكل جيد، ما كان وضع خطة استثمار عام سيكون صعباً. ويقول فرانك نيوبورت من مؤسسة غالوب لاستطلاعات الرأي: «إن كل جزء من أدلة استطلاعات الرأي التي راجعتُها يُظهر أن الأميركيين يؤيدون كثيراً تشريعاً حكومياً جديداً للبنية التحتية»، وعلينا أن نتذكر هنا أن إدارة ترامب أمضت أربع سنوات وهي تَعد بخطة في أي يوم ولكنها لم تفِ بذلك أبداً.