بقلم: ماريا معلوف – سكاي نيوز
الشرق اليوم- ما قرأناه خلال الساعات الماضية عن مشروع قانون يود مجموعة من الجمهوريين والديمقراطيين دعوة إدارة الرئيس بايدن إلى تأييده هو قانون جدير بالتوقف الإيجابي عنده فقد فهمت من خلال قراءتي لأكثر من تقرير أميركي يتحدث عن هذا المشروع الذي لازال قيد النقاش أنه يلزم وزير الخارجية الأميركي بتقديم تقرير مفصل للكونغرس حول أية ملاحقات قضائية في أي بلد عربي للمواطنين الذين يدعمون التطبيع والاتفاقية.
ويرى أصحاب هذا المشروع أنه ينبغي على الإدارة الأميركية أن تستخدم وتستغل هذا التقارب التاريخي بين المصالح الإسرائيلية وبعض الدول العربية للمساعدة في تقوية المنطقة بشكل أكبر وتعزيز المصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة إلى حدٍّ كبير على المدى البعيد.
واسمحوا لي أن أذكر في عجالة نقاط مهمة وردت في اتفاقية (إبراهام) لكن الضجيج الإعلامي الذي قام به المناهضون للتطبيع أزاح الاهتمام داخل الشارع العربي وربما بعض الإسرائيلي عن صوابية وإمكانية تنفيذ هذه النقاط على الأرض… ومن تلك النقاط
(١) التكامل الاقتصادي
ذلك أنه من الخصائص الرئيسية التي اتسمت بها “اتفاقيات إبراهيم” هي تركيزها على إدخال إسرائيل في اقتصادات منطقة الشرق الأوسط الأوسع، والتي يعاني عدد كبير منها من الركود بسبب الصراعات الطائفية وعدم الاستقرار السياسي… فقطاع التكنولوجيا المتطور في إسرائيل هو في وضع مثالي للدخول في شراكة مع دول الخليج الغنية بالنفط من أجل استدراج الاستثمارات في تكنولوجيات الطاقة النظيفة والري وتكنولوجيا المعلومات. والغرض الممكن والمرجو من هذا التعاون هو مساعدة دول مثل الإمارات والبحرين والسودان على التخلص من اعتمادها على الوقود الأحفوري وكذلك تعزيز الاستثمارات في البلدان الأقل ثراءً بالموارد في المنطقة، وبالتالي يمكننا القول هنا ان إدارة بايدن تستطيع الاضطلاع بدور مباشر في هذه النهضة الاقتصادية خلال المرحلة المقبلة. فقد نصت “اتفاقيات إبراهيم” على إنشاء صندوق مدعوم من الولايات المتحدة يخصص في البداية مبلغاً قدره 3 مليارات دولار لتمويل مشاريع الأعمال في المنطقة. ويمكن أن ينمو هذا الاستثمار على مدى السنوات الأربع القادمة، وهو يشمل مشاركة الشركات الأمريكية والجامعات والمنظمات غير الحكومية.
(٢) المصلحة العربية والأميركية سياسياً
وهنا لابد على الرئيس بايدن أن يستفيد من التحالف المتعاظم بين إسرائيل والدول ذات الأغلبية العربية لزيادة الضغط على طهران وإبراز عزلتها الإقليمية حيث انه من شأن هذا التكتل الاقتصادي والأمني الناشئ أن يكون بمثابة رمز للإمكانيات التي تنطوي عليها المنطقة إذا تم استبدال القتال والتطرف بالتكامل والنشاط الاقتصاديين….وبالتالي يجب أن تساعد هذه الشراكة الجديدة أيضاً إدارة بايدن على صياغة هذه الاتفاقيات الجديدة المقترحة مع إيران من باب النظر لمصالحنا نحن العرب ولا يخفى هنا ان الإدارات الأمريكية المتعاقبة من كلا الحزبين وعلى مدى أكثر من 70 عاماً، جعلت من محاولة اندماج إسرائيل في الشرق الأوسط ركناً أساسياً من أركان السياسة الخارجية الأميركية. والآن وبعد أن بدأ هذا المسعى، فلا ينبغي لواشنطن أن تقف حاجزاً أمام توسعه، بل عليها أن تسعى إلى تعزيزه حيث ان الرئيس بايدن يتمتع ولا شك بمكانة فريدة تخوله رسم معالم الشرق الأوسط الجديد بطريقة تدعم المصالح الأمريكية على أفضل وجه.
وبالعودة إلى نقاط ذلك المشروع فلا بد من الإضاءة أيضا على ان مشروع القانون يطالب الإدارة الأمريكية بنقاط أخرى منها انه يطالب وزارة الخارجية بتقديم استراتيجية لتقوية وتوسيع “اتفاقية ابراهيم” وغيرها من اتفاقيات التطبيع المعنية مع اسرائيل من خلال:
- تقييم المصادر المستقبلية الخاصة بتوسيع وترسيخ اتفاقيات التطبيع المتضمنة التعاون ما بين المؤسسات المختلفة.
- تقييم مناطق التعاون في المجالات الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية والعلمية والتقنية والتعليمية و الصحية، مع التعرف على اسباب المعوقات في هذه المجالات والتي تحول بين زيادة التعاون ما بين هذه الدول.
- تقييم التعاون في مجالات الامن في المستقبل مع التعرف على المعوقات المحتملة لاي اتفاق في المستقبل.
- إيضاح كيف تستطيع حكومة الولايات المتحدة ان تمارس ثقلها الدبلوماسي ومجهودها ومواردها لتشجيع التطبيع والتنمية الاقتصادية والبرامج الخاصة ما بين البشر و بعضهم خاصة ممن لهم اسهم [في المنطقة] (بما فيهم الحكومات الاجنبية، الممولون الدوليون والمؤسسات متعددة الأطراف (الجنسيات).
- التوصيات الخاصة بتحسين وتنسيق التعاون في وزارة الخارجية، وبالذات ما بين المبعوث الخاص لمراقبة معاداة السامية والسفير فوق العادة لشؤون الحريات الدينية دولياً و مكتب الحريات الدينية الدولية لمحاربة العنصرية، التخوف من الاجانب، الخوف من الاسلام و معاداة السامية وهي التي تعيق من تحسين العلاقات ما بين الدول العربية وغيرهم من المناطق والدول المعنية.
كذلك فإن المشروع يطالب بتقرير عن المجهود الدولي لإقامة التطبيع عن طريق ما يلي:
- تحديد الصناديق (الأموال) الاستثمارية التي تساعد على التعاون ما بين إسرائيل ودول عربية. مع العمل بتوصيات لجعل تلك المصادر من التمويل مستخدمة لتأييد التطبيع وزيادة رفاهية المشاركين باسهمهم في هذا المشروع.
- اقتراح الكيفية التي تمكن الحكومة الأميركية وغيرها من الاستفادة من الخبراء والقدرات المملوكة لمتحف الهولوكوست (المحرقة) لمقاومة من ينكرون الهولوكوست ومعاداة السامية.
- تقييم جدوى وقيمة زيادة القدرات الموجودة حالياً لدى وزارة الخارجية وهيئة المعونة الأميركية من البرامج الممولة من قبلهما لزيادة برامج التبادل بين الشباب من إسرائيل والدول العربية وغيرهم من الدول والمناطق المعنية.
- تقييم عن قيمة وجدوى التعاون ما بين المؤسسات للقيام بالتواصل ما بين أعضاء المجالس البرلمانية (النيابية) شاملةً أعضاء الكونغرس، الكنيست، والبرلمانيين من الدول العربية والدول والمناطق المعنية بما فيها البرامج الفيدرالية الحالية التي تدعم هذا التبادل.
- يطالب وزارة الخارجية كما قلنا سابقاً بتقديم تقرير عن حالة قوانين منع التطبيع في الدول العربية وغيرها من الدول والمناطق المعنية وسيشمل هذا وقائع اضطهاد مواطنين من دول عربية أو من يقيمون فيها إذا طالبوا بالسلام مع إسرائيل أو تواصلوا مع مواطنين إسرائيليين بأية طريقة.
إن هذا المشروع الذي سيكون المدماك الأساسي لمستقبل السلام في المنطقة سنجني نحن العرب كما الولايات المتحدة وكذلك دولة إسرائيل من خلاله استقراراً ومصالح اقتصادية ستجعل مستقبل الأجيال القادمة بعيداً عن كل اضطرابات ومنازعات.