BY: David Stilwell & Dan Negrea
الشرق اليوم – بعد مرور 30 عاما على انهيار الاتحاد السوفياتي باتت الولايات المتحدة و”العالم الحر” في حرب باردة جديدة مع “اشتراكية بميزات صينية” أساسها دكتاتورية وحشية داخل الصين وحضور عدواني خارجها.
من خلال هذا النظام الجديد استخدمت بكين قوتها العسكرية للتنمر على جيرانها وقوتها الاقتصادية لمعاقبة من يقاومون أجندتها، مستفيدة من وصولها إلى التكنولوجيا الغربية لتعزيز رؤيتها القمعية للحكم محليا وعالميا.
ولكسب هذه “الحرب الباردة الجديدة” ضد التنين الصيني تبقى الولايات المتحدة الدولة التي لا غنى عنها والتي يجب أن تقود العالم في مجالات عدة من خلال شبكة من التحالفات والترتيبات الرسمية وغير الرسمية مبنية على الثقة والمثل الديمقراطية المشتركة، ومن أبرز هذه التحالفات:
تحالف اقتصادي عالمي
إن الصين -وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم- تستخدم قوتها الاقتصادية لإخضاع الآخرين لإرادتها الاستبدادية، لذلك فإن “العالم الحر” يحتاج إلى آلية أمنية اقتصادية جماعية لمقاومة “النهب الاقتصادي” الصيني.
كما يحتاج العالم ومنظمة التجارة العالمية بشكل خاص في مواجهة هذا “العملاق غير الليبرالي” إلى بند شبيه بالمادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي “ناتو” (NATO) التي تنص على أن “الهجوم على إحدى دول الحلف سوف يعامل على أساس أنه هجوم على بقية الأعضاء جميعا، وأن الحلفاء ملزمون بالرد عليه”.
ويعد إطلاق “التحالف البرلماني الدولي بشأن الصين” “آي بي إيه سي” (IPAC) في يونيو / حزيران الماضي -والذي يضم في عضويته أكثر من 100 مشرع من 20 دولة بهدف تحقيق مجموعة من الأهداف، من أبرزها “العدالة التجارية” في العالم- خطوة أولى في الاتجاه الصحيح.
تحالف تكنولوجي عالمي
إن الصين تسعى للهيمنة على التكنولوجيا العالمية، وهو سيناريو مثير للقلق بالنظر إلى نيتها الواضحة لاستخدامها لأغراض شائنة داخليا وخارجيا، لذلك يتوجب على أميركا قيادة مجهود يرمي إلى إنشاء آليات للتنسيق التكنولوجي في مجالي الدفاع وتعزيز التقدم التكنولوجي الجماعي.
وهناك العديد من المبادرات الواعدة في هذا الإطار، منها مقترح “الرمز المشترك” (Common Code)، وهي مبادرة صيغت عام 2020 من قبل 3 مراكز أبحاث في كل من اليابان وألمانيا والولايات المتحدة إيمانا بأن “الريادة في مجال التكنولوجيا من قبل الدول الديمقراطية الليبرالية الرئيسية في العالم ستكون ضرورية لحماية المؤسسات والمعايير والقيم الديمقراطية”.
تحالفات في المحيطين الهندي والهادي
إن الضغط الصيني ملموس وبشكل واسع في منطقة المحيطين الهندي والهادي، لذلك فإن الحاجة إلى استجابة إقليمية منسقة باتت أمرا ملحا، خاصة في ظل الخطاب القومي المتزايد لبكين والاحتكاكات الإقليمية المتكررة مع جيرانها.
ويعد “الحوار الأمني الرباعي” المعروف اختصارا بدول “كواد” (Quad) -وهي الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا- نموذجا جيدا للكيفية التي يمكن بها للمصالح المشتركة أن تجمع البلدان معا رغم تنوع رؤاها بشأن العمل الجماعي.
تحالفات إقليمية في أوروبا
الدول الأوروبية لم تتعامل مع التحدي الصيني بنفس الإلحاح الذي تعاملت به الولايات المتحدة وشركاؤها في المحيطين الهندي والهادي، لكونه لا يشكل خطرا عسكريا مباشرا عليها، كما أن كلا الطرفين مرتبطان بعلاقات اقتصادية مكثفة، لذلك تفضل البلدان الأوروبية تجنب أي ضرر اقتصادي محتمل على خلفية سياسية.
لكن هذا “الحماس الأوروبي” لممارسة الأعمال التجارية مع الصين يتضاءل، كما أن الرأي العام الأوروبي منزعج بشدة من الإبادة الجماعية في شينجيانغ وقانون الأمن القومي في هونغ كونغ، وتنبه إلى الطبيعة الحقيقية للحزب الشيوعي الصيني بسبب محاولات بكين الاستفادة من جائحة فيروس كورونا لتحسين صورتها وتحقيق فوائد اقتصادية.
وقد اعترفت وثيقة إستراتيجية للاتحاد الأوروبي في العام 2019 بأن الصين “خصم إستراتيجي”، كما تعمل الدول الأوروبية سيرا على خطى واشنطن على وضع آليات تمنع استحواذ الصين على الشركات في القطاعات الحساسة للأمن القومي.
وقامت دول بمبادرة فردية بتعزيز موقفها العسكري، حيث أرسلت كل من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا قوات بحرية إلى بحر جنوب الصين لتعزيز سيادة القانون، والتزمت بمزيد من عمليات التواجد في عام 2021.
تحالفات مع الدول النامية
تعد البلدان النامية محورا مهما آخر في سياسة الصين الخارجية، فهي مصدر مهم للمواد الأولية ووجهة للصادرات الصينية، خاصة بفضل إستراتيجية “حزام واحد.. طريق واحد” المعروف أيضا بمبادرة الحزام والطريق، والتي وضعتها بكين لتوسيع نفوذها الاقتصادي ولتصريف فائض الإنتاج والعمالة لديها.
كما يمكن لهذه الدول أيضا أن تعرض على السلطات الصينية مواقع قواعد عسكرية ودعما سياسيا لقراراتها في الأمم المتحدة.
وتستطيع الولايات المتحدة و”العالم الحر” في هذا الإطار تقديم بدائل تنموية مناسبة وأكثر إنصافا للدول النامية، وذلك من خلال مبادرات مثل مبادرة “النقطة الزرقاء” (Blue Dot) التي تم إطلاقها في نوفمبر / تشرين الثاني 2019 خلال منتدى أعمال منطقة المحيطين الهندي والهادي في بانكوك من قبل بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا.
وتعد هذه المبادرة المعروفة أيضا بـ”تحالف الجودة” منصة متعددة الأطراف للحكومات والشركات الخاصة والأفراد للتحقق من صحة المشاريع بناء على أفضل الممارسات الدولية، وبالإمكان أن تتطور إلى وكالة تصنيف عالمية لمشاريع البنية التحتية في هذه الدول.
ترجمة: الجزيرة